كلمة المجلة  

 

 

ما هكذا تورد الإبل

 ... أنتم روافض ، وشرُّ مَن وطأ  الحصى ، وجوهكم مسخوطة ، علامة وآية من الله فيكم يا روافض ، كثير منكم زنادقة ، ومجوس ، وقد تحاور كثير من العلماء مع الزنادقة والمجوس ولكنّكم لا عقل ولا نقل .

... أيُّها الروافض أنا لكم ، أيُّها الروافض أنا لكم من اليوم مع إخواني من أهل السنّة لكم بالمرصاد.

... ، وأترک أهل الحقّ والسنّةيدمغوا رؤوس هؤلاء الروافض ، بل وأمنعهم من دخول هذه الساحة ؛ حتّى لا ينجّسوها، ولا يشوّهوا صورتها، نحن لا نريد التهديد ولكنّ اُولئک الروافض حقّهم واللهِ أن نذكيهم كما نذكي الشاة ، إي والله...

إلى غير ذلک من الشتائم ، والسباب ، والكذب ، والتهديد والوعيد، ومع كلّ هذا يعتقد أصحاب هذه الأساليب الفجّة أنّهم أصحاب حجج قويّة ، ومنطق مهيمن ، ولكنّ الواقع غير ذلک تمامآ؛ لأنّ صاحب الحجّة القويّة ، والمنطق القويم يكون ذا عقل راجح وتفكير مرن ، لا تعدمه الطرق ، ولا تنقصه الأساليب لإقناع الآخرين بالفكرة التي يعتنقها، وعندما يصل إلى الطريق المسدود، وقد أعيته الحيل ، فإنّه يكون قد أدّى دوره الإنساني والفكري والديني ، ويبقى محافظآ على توازنه ، فلا يخرج عن الطور كالثور الغضبان ينطح بردقيه خطب عشواء، فكيف إذا كانت الحجّة هزيلة ، والمنطق جافٍ ، والعقل ناقص ، فهو كما يقال في المثل الشعبي : «لا صوت طيّب ، ولا كف ناعم ».

أيّها القارئ الكريم ، هذه المقاطع التي بدأت بها كلامي معک هي عيّنات من اُسلوب يسيل من أخلاق وفكر إخوانٍ لنا في الإسلام ، لا هَمّ لهم في هذه الدنيا إلّا نصب العداوة وإشعال الفتن ، مع أنّ العدوّ الذي لا يفرّق بيننا يعمل ليلا ونهارآ في الكيد لنا جميعآ نقمةً منه على إسلامنا بشتّى ألوانه وأشكاله وعدواةً له .

الشتائم ، التكفير لأوهن الأسباب وأكثرها إثارةً للضحک وللشعور بالسخافة تجاهها، في زمن قطع فيه الإنسان شوطآ واسعآ في احترام عقله وتفكيره ، والطرف المقابل يتحمّل صابرآ محتسبآ وهو يردّد أمام كلّ هذه التخرّصات والترّهات  : سلامآ سلامآ، ويقف بكلّ صلابة ولباقة ليدحض السخافات التي يعتقد أصحابها بأنّها حجج دامغة وبراهين ساطعة ، لكنّها سراب بقيعة يحسبها ضعيف العقل كذلک .