ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/٨/١٥ من نحن منشورات مقالات الصور صوتيات فيديو أسئلة أخبار التواصل معنا
العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
تصنیف المقالات احدث المقالات المقالات العشوائية المقالات الاکثرُ مشاهدة
■ السید عادل العلوي (٤٨)
■ منير الخباز (١)
■ السید احمد البهشتي (٢)
■ حسن الخباز (١)
■ كلمتنا (٢٨)
■ الحاج حسين الشاكري (١١)
■ الاستاذ جعفر البياتي (٤)
■ صالح السلطاني (١)
■ الشيخ محمد رضا آل صادق (١)
■ لبيب بيضون (٧)
■ الدكتور الشيخ عبد الرسول غفّاري (١)
■ السيد حسين الحسني (١)
■ مكي البغدادي (٢)
■ الدكتور حميد النجدي (٣)
■ السيد رامي اليوزبكي (١)
■ سعيد إبراهيم النجفي (١)
■ الدکتور طارق الحسیني (٢)
■ السيّد جعفر الحلّي (١)
■ الاُستاذ ناصر الباقري (١)
■ السيّد محمّد علي الحلو (١)
■ السيّد شهاب الدين الحسيني (١)
■ شريف إبراهيم (١)
■ غدير الأسدي (١)
■ هادي نبوي (١)
■ لطفي عبد الصمد (١)
■ بنت الإمام كاشف الغطاء (١)
■ محمد محسن العید (٢)
■ عبدالله مصطفی دیم (١)
■ المرحوم السید عامر العلوي (٢)
■ میرنو بوبکر بارو (١)
■ الشیخ ریاض الاسدي (٢)
■ السید علي الهاشمي (١)
■ السيّد سمير المسكي (١)
■ الاُستاذ غازي نايف الأسعد (١)
■ السيّد فخر الدين الحيدري (١)
■ الشيخ عبد الله الأسعد (٢)
■ علي خزاعي (١)
■ محمّد مهدي الشامي (١)
■ محمّد محسن العيد (٢)
■ الشيخ خضر الأسدي (٢)
■ أبو فراس الحمداني (١)
■ فرزدق (١)
■ هيئة التحرير (٤٣)
■ دعبل الخزاعي (١)
■ الجواهري (٣)
■ الشيخ إبراهيم الكعبي (١)
■ حامدة جاودان (٣)
■ داخل خضر الرویمي (١)
■ الشيخ إبراهيم الباوي (١)
■ محمدکاظم الشیخ عبدالمحسن الشھابی (١)
■ میثم ھادی (١)
■ سید لیث الحیدري (١)
■ الشیخ حسن الخالدی (٢)
■ الشیخ وھاب الدراجي (١)
■ الحاج عباس الكعبي (٢)
■ ابراھیم جاسم الحسین (١)
■ علي محمد البحّار (١)
■ بلیغ عبدالله محمد البحراني (١)
■ الدكتورحسين علي محفوظ (١٠)
■ حافظ محمد سعيد - نيجيريا (١)
■ الأستاذ العلامة الشيخ علي الکوراني (٤)
■ عزالدین الکاشانی (١)
■ أبو زينب السلطاني - العراق (١)
■ فاطمة خوزي مبارک (١)
■ شیخ جواد آل راضي (١)
■ الشهید الشیخ مرتضی المطهري (١)
■ شيخ ماهر الحجاج - العراق (١)
■ آية الله المرحوم السيد علي بن الحسين العلوي (١٣)
■ رعد الساعدي (١)
■ الشیخ رضا المختاري (١)
■ الشیخ محمد رضا النائیني (٢)
■ الشيخ علي حسن الكعبي (٥)
■ العلامةالسيد محسن الأمين (١)
■ السید علي رضا الموسوي (٢)
■ رحیم أمید (٦)
■ غازي عبد الحسن إبراهيم (١)
■ عبد الرسول محي الدین (١)
■ الشیخ فیصل العلیاوي (١)
■ أبو حوراء الهنداوي (٢)
■ عبد الحمید (١)
■ السيدمصطفیٰ ماجدالحسیني (١)
■ السيد محمد الکاظمي (٣)
■ حسن عجة الکندي (٥)
■ أبو نعمت فخري الباکستاني (١)
■ ابن الوردي (١)
■ محمدبن سلیمان التنکابني (١)
■ عبد المجید (١)
■ الشيخ علي حسین جاسم البھادلي (١)
■ مائدۃ عبدالحمید (٧)
■ كریم بلال ـ الكاظمین (١)
■ عبد الرزاق عبدالواحد (١)
■ أبو بكر الرازي
■ الشيخ غالب الكعبي (٨)
■ ماھر الجراح (٤)
■ الدکتور محمد الجمعة (١)
■ الحاج کمال علوان (٣)
■ السید سعد الذبحاوي (١)
■ فارس علي العامر (٩)
■ رحيم اميد (١)
■ الشيخ محسن القرائتي (١)
■ الشيخ احمد الوائلي (١)
■ الشیخ علي حسن الکعبي (١)
■ عبد الهادي چیوان (٥)
■ الشیخ طالب الخزاعي (٥)
■ عباس توبج (١)
■ السید صباح البهبهاني (١)
■ شیخ محمد عیسی البحراني (١)
■ السید محمد رضا الجلالي (٦)
■ المرحوم سید علي العلوي (١)
■ یاسر الشجاعي (٤)
■ الشیخ علي الشجاعي (١)
■ میمون البراك (١)
■ مفید حمیدیان (٢)
■ مفید حمیدیان
■ السید محمد لاجوردي (١)
■ السید محمد حسن الموسوي (٣)
■ محمد محسن العمید (١)
■ علي یحیی تیمسوقي (١)
■ الدکتور طه السلامي (٣)
■ السید أحمد المددي (٦)
■ رقیة الکعبي (١)
■ عبدالله الشبراوي (١)
■ السید عبد الصاحب الهاشمي (٣)
■ السید فخر الدین الحیدري (١)
■ عبد الاله النعماني (٥)
■ بنت العلي الحیدري (١)
■ السید حمزة ابونمي (١)
■ الشیخ محمد جواد البستاني (٢)
■ نبیهة علي مدن (٢)
■ جبرئیل سیسي (٣)
■ السید محمد علي العلوي (٣)
■ علي الأعظمي البغدادي (١)
■ السید علي الخامنئي (١)
■ حسن بن فرحان المالکي (١)
■ ملا عزیز ابومنتظر (١)
■ السید ب.ج (٢)
■ الشیخ محمد السند
■ الشیخ محمد السند (١)
■ الشیخ حبیب الکاظمي (١)
■ الشیخ حسین عبید القرشي (١)
■ محمد حسین حکمت (١)
■ المأمون العباسي (١)
■ احمد السعیدي (١)
■ سعد هادي السلامي (١)
■ عبد الرحمن صالح العشماوي (١)
■ حسن الشافعي (١)
■ فالح عبد الرضا الموسوي (١)
■ عبد الجلیل المکراني (١)
■ الشريف المرتضی علم الهدی (١)
■ السيد أحمد الحسيني الإشكوري (١)
■ سید حسین الشاهرودي (١)
■ السيد حسن نصر الله (١)
■ ميثم الديري (١)
■ الدكتور علي رمضان الأوسي (٢)
■ حسين عبيد القريشي (١)
■ حسين شرعيات (١)
■ فاضل الفراتي (١)
■ السيد مهدي الغريفي (١)

احدث المقالات

المقالات العشوائية

المقالات الاکثرُ مشاهدة

بحث في آية الولاية - الكوثر العدد السابع عشر رجب 1423

دراسات قرآنية: بحث في آية الولاية
 
مقدّمة
 
قال الله سبحانه وتعالى : (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .
البحث في هذه الآية من جهتين  : الاُولى في المفردات ، والاُخرى في مقصود ومضمون الآية .
أمّا المفردات فأوّلها (إنّما) وهي من أدوات الحصر والقصر.
أقول : للقصر طرق كثيرة ، وأشهرها في الاستعمال أربعة ، وهي  :
1 ـ يكون القصر بالنفي والاستثناء، نحو: (ما شاعر إلّا شوقي ) أو (ما شوقي إلّا شاعر).
2 ـ يكون القصر بـ(إنّما)، نحو : (إنّما يخشى الله من عباده العلماء).
3 ـ يكون القصر بالعطف بـ(لا) و(لكن )، نحو: (الأرض متحرّكة لا ثابتة ).
4 ـ يكون القصر بتقديم ما حقّه التأخير، نحو: (إيّاک نعبد وإيّاک نستعين ).
التقديم يدلّ على القصر بطريق الذوق السليم والفكر الصائب والمستقيم ، بخلاف الثلاثة الباقية ، فتدلّ على القصر بالوضع اللغوي (الأدوات)، ثمّ من جهة اُخرى ينقسم القصر باعتبار طرفيه إلى قسمين .
أ ـ قصر صفة على موصوف ، وهو أن تحبس الصفة على موصوفها وتختصّ به ، فلا يتّصف بها غيره . وهذا هو الغالب ، نحو: (إنّما الفقيه زيد) أو (إنّما القدرة لله) فإنّها تدلّ على انحصار الفقه به وانحصار القدرة بالله سبحانه وتعالى .
ب ـ قصر موصوف على صفة نحو: (إنّما زيد عالم )، فإنّها لا تدلّ على انحصار العلم في زيد.
 النتيجة  :
إنّ هذه الكلمة غالبآ ما تستعمل في قصر الصفة على الموصوف ، وهي تفيد الحصر أيضآ، والقسم الثاني لا يفيد الحصر، بل يدلّ على المبالغة والتجوّز. ففي نحو: (إنّما زيد عالم ) فلا يدلّ على انحصار العلم بزيد لكنّ المتكلّم بما أنّه بالغ فيه ، وفرض كأنّه لا صفة له غيرها، فجعله مقصورآ عليه ادّعاء.
والعجب من الفخر الرازي حيث أنكر دلالة كلمة (إنّما) على الحصر، وقد صرّح بذلک في تفسير هذه الآية ، حيث قال : عدم العموم المستفاد من الآية يبتني على كون (إنّما) للحصر، ولا نسلّم بذلک !
الدليل على هذا قوله تعالى  : (إنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ) ، لا شکّ أنّ الحياة الدنيا لها أمثال اُخرى ولا تنحصر بهذا المثل . أو قوله تعالى : (إنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) ، ولا شکّ في أنّ اللعب واللهو قد يحصلان في غيرها.
والجواب عنه بوجوه ، منها :
ــ قد نصّ أهل الأدب أنّها من أداة الحصر، مضافآ إلى التبادر.
ــ قوله : «لا نسلّم ذلک ... إلخ »، منقوض بقوله تعالى : (وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ) ، وقوله سبحانه : (وَمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ ) ، حيث لا شبهة في إفادة كلمة إلّا الحصر ولا ينكرها أحد إلّا أبو حنيفة (وأنت معتقد بدلالتها على الحصر).
فإذن ما هو جواب الفخر الرازي عن هاتين الآيتين ، فإن أجاب بأنّ عدم دلالة كلمة (إلّا) على الحصر فيهما إنّما هو من ناحية قيام قرينة خارجية على ذلک (وتلک القرينة هي العلم الخارجي بعدم انحصار الحياة الدنيا بهما)، نقول بعين هذا الجواب عن الآيتين المتقدّمتين .
ــ وأمّا الجواب الكلّي فبيانه : أنّ الحياة مرّة تضاف إلى الدنيا، واُخرى تكون الدنيا صفة لها.
أمّا على الأوّل : فالمراد منها حياة هذه الدنيا في مقابل حياة الآخرة ، كما هو المراد في قوله تعالى : (مَا هِيَ إلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا) ، فيكون المراد في هذه الآية الكريمة هو حياة هذه الدنيا في قبال الآخرة ، كما أنّ المراد من الحيوان في قوله تعالى : (وَإنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )  هو الحياة الاُخرويّة الدالّة على الاستمرار والبقاء.
أمّا على الثاني : أن تكون الدنيا صفة للحياة فالمراد منها الحياة الدانية في مقابل الحياة العالية الراقية ، وهي بهذا المعنى تارة تطلق ويراد منها الحياة في مقابل الحياة الاُخرويّة نظرآ إلى أنّ الحياة الدنيويّة وإن كانت حياة الأنبياء والأوصياء فهي دانية بالإضافة إلى الحياة الاُخرويّة حيث أنّها حياة عالية راقية دائمة الأنبياء أبدية مملوءة بالطمأنينة والراحة ، وتارة تطلق ويراد منها الحياة الدانية في هذه الدنيا هي مقابل الحياة الراقية فيها، يعني أنّ الحياة في هذه الدنيا على نوعين  : أحدهما: حياة دنيّة حيوانيّة كالحياة المملوءة باللعب واللهو، وثانيهما : حياة عالية راقية كحياة الأنبياء والأولياء.
وبعد هذه التقسيمات نقول : إنّ المراد من الحياة في الآية الثانية هي الحياة الدانية ، فالدنيا صفة لها وهي تنحصر باللعب واللهو، يعني أنّ الحياة الدنيّة في هذه الدنيا هي اللعب واللهو.
وأمّا قوله في مقام تقريب عدم دلالة الآية الثانية على الحصر بأنّ اللعب واللهو قد يحصلان في غيرها؛ مدفوع بأنّ الآية في مقام بيان حصر الحياة الدنيا بهما لا في مقام حصرهما بها، فلا يكون حصولهما في غير الحياة الدنيا ـيعني الحياة الاُخرويّة ـ مانعآ عن دلالة على الحصر.
وإن أراد من ذلک حصولهما في الحياة العالية من هذه الدنيا وعدم انحصارهما في الحياة الدانية بهما، فيردّه  :
أوّلا ـ منع ذلک أنّ الحياة العالية خالية عنها.
ثانيآ ـ أنّه لا يضرّ بدلالته على الحصر فإنّ الآية تدلّ على حصر الحياة الدانية بهما، ولا تدلّ على حصرهما بها .
 فالنتيجة : أنّ دلالة كلمة (إنّما) ـبكسر الهمزة ـ على الحصر واضحة وإنكار الفخر ودلالتها عليه مبني على العناد والتجاهل .
هذا كلّ الكلام في (إنّما) ـبالكسرـ، وأمّا (أنّما) ـبالفتح ـ هل تدلّ على الحصر أم لا، فقد مرّ عليک في علم النحو أنّ أصل (إنّما) ـبالكسر أو الفتح ـ (أنّ ) بدون (ما)، ويوجد بحث بـ(أنّ ) ـبالفتح ـ فرعٌ عن (إنّ ) ـبالكسرـ أم لا؟ والأصحّ عن ابن هشام الأنصاري (أنّ ) ـبالفتح ـ فرع عن (إنّ ) ـبالكسرـ، فكما تدلّ (أنّما) ـبالكسرـ على الحصر فكذلک تدلّ (إنّما) ـبالفتح ـ على الحصر، وقد اجتمعتا في قوله تعالى : (قُلْ إنَّمَا يُوحَى إلَيَّ أنَّمَا إلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ) ، فالاُولى لقصر الصفة على الموصوف ، والثانية بالعكس .
وردّ ببطلان الحصر في الآية الكريمة لاقتضائها أنّه لم يوحَ إليه غير التوحيد. وضعف هذا الردّ بأنّ هذا الحصر مقيّد، إذ الخطاب مع المشركين ، فالمعنى : ما اُوحي إليَّ من أمر الربوبيّة إلّا التوحيد لا الاشتراک ، ويسمّى ذلک قصر قلب وهو: إذا اعتقد المخاطب عكس الحكم الذي تثبته نحو: (ما سافر إلّا عليّ) ردّآ على من اعتقد أنّ المسافر خليل لا علي ، وأمّا دلالة (أنّما) ـبالفتح ـ على الحصر عند السيّد الخوئي  1 في كتاب المحاضرات لا تخلو عن إشكال بل منع ، وهذا كلّ الكلام في (إنّما).
وأمّا كلمة (الولي ) فلغةً يطلق على معانٍ متعدّدة ، منها: مالک الأمر والصديق والمحبّ والناصر.
 تنبيه  :
الكلمات التي لها معانٍ متعدّدة تنصرف إلى بعض المعاني بكثرة الاستعمال فيها كما ذكرنا في البحث عن آية الوضوء، عند ذكر معان النسخ فقلنا: إنّ النسخ يأتي على معانٍ متعدّدة ، والمعنى الشائع المنصرف إليه الإطلاق هو الإزالة ، نعم كلّ معنى يتعيّن مع القرينة المبيّنة ، أمّا مع قطع النظر عن القرائن فالمعنى المتعيّن هو المنصرف إليه الإطلاق .
        والبحث المهمّ في هذه الآية الكريمة تعيين المعنى المراد من هذه المعاني الثلاثة ، ففيه أقوال  :
1 ـ رأي الإماميّة والأدلّة عليه ، الانصراف مع قطع النظر عن القرائن وتعيّنه مع ملاحظة القرائن والروايات . وكما قلنا سنبحث عن الروايات في آخر المطاف ، والموضوع هنا البحث عن المفردات .
والدليل الأوّل هو أنّ المعنى الشائع المنصرف إليه الإطلاق ، هو الأوّل (مالک الأمر) فوليّ الصغير من يملک أمره ، ووليّ المرأة من يملک تدبير نكاحها، ووليّ الدم من كان له المطالبة بالقود، ووليّ العهد من يملک عهد السلطنة ، وهكذا من الموارد. هذا مع قطع النظر عن القرائن . أمّا بملاحظتها فهو متعيّن وهي في المقام من وجهين  :
الأوّل  : أنّه كما تكون إضافة الولي إلى من له حاجة إلى من يقوم بأمره قرينة معيّنة عند أهل العرف على إرادة مالک الأمر كوليّ الصغير، ووليّ المرأة بحيث لا يحتمل أحد أن يراد من العبارتين محبّهما أو ناصرهما أو صديقهما، ويحكمون قطعآ بأنّ المراد منه مالک الأمر، فكذلک إسناد الولي إلى من كانت سلطنته ثابتة على الطرف عقلا أو شرعآ أو عرفآ، بل يحكمون قطعآ بأنّ المراد منه مالک الأمر، والمقام من هذا القبيل ، فإنّ سلطنة الله سبحانه وتعالى ثابتة على الخلق عقلا بالضرورة ، وكذلک سلطنة النبيّ  6 على الاُمّة من حيث رسالته وخلافته عن الربّ تعالى شأنه ، وكذلک الذين آمنوا له ولاية التصرّف بدليل العطف بـ(الواو)، فيوجب اشتراک المعطوف مع المعطوف عليه في الحكم ، فما لرسول الله  6 من الولاية فله تلک الولاية .
2 ـ أداة الحصر، وهي كلمة (إنّما) المفيدة للحصر كما بحثناها مفصّلة ، فإنّ الولاية بمعنى سائر المعاني لا تنحصر فيه تعالى شأنه وفي رسوله  6 والمؤمن الموصوف بأنّه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة في حال الركوع ، فتحقيق معنى الحصر يوجب القطع بأنّ المراد بالولاية إنّما هي ولاية الأمر.
هذا كلّ الكلام في الدليل الأوّل للقول الأوّل ، أمّا القول الثاني فهو رأي أهل العامّة ، والدليل على ذلک التناسب بين هذه الآية والآيات السابقة .
 توضيح  :
الآيات السابقة ، مثل : (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أوْلِيَاءَ) .
وكذلک قوله تعالى : (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ آتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوآ)  إلى قوله تعالى  :  (وَالكُفَّارَ أوْلِيَاءَ) فالمراد من الولاية هنا المحبّة ؛ لأنّ المنهي عنها بالنسبة إلى اليهود والنصارى والكفّار إنّما هي الولاية بمعنى المحبّة لا بمعنى مالک الأمر؛ لأنّ المؤمنين لم يتّخذوهم اُولي الأمر حتّى يُنهوا عنه ، والحصر في الآية الكريمة مجازيٌّ لا حقيقي .
بعد أن انتهى الكلام في ذكر الأقوال والأدلّة فلننظر أيّها الصحيح ويجب متابعته والاعتقاد به ، أقول  : الصحيح هو القول الأوّل ، والإشكالات الواردة عليه ترفع بالدقّة إن شاء الله.
الإشكال الأوّل : عدم التناسب .
الإشكال الثاني : كون الحصر مجازيّآ.
أمّا الإشكال الأوّل وهو عدم التناسب بين هذه الآية والآيات السابقة بأنّ الآيات السابقة تدلّ على الولاية بمعنى المحبّة ، وهذه الآية بمعنى مالک الأمر، فكيف يمكن مع أنّ هذه الآيات متّحدات وفيهنّ وحدة السياق ، فمدفوع .
أمّا دفعه فنقول : مجرّد وقوع الآية بعد الآية لا يدلّ على وحدة السياق ولا أنّ بعض المناسبة بين آية وآية يدلّ على نزولهما معآ دفعةً واحدة أو اتّحادهما في السياق ، هذا أوّلا، وثانيآ إنّ المناسب للسابقة واللاحقة أخذ الولي هنا بمعنى وليّ الأمر بل هي إرشاد للمؤمنين بأنّ وليّ أمركم هو الله تعالى ورسوله  6 والذين آمنوا... إلخ .
وأنتم تحت ولاية أمرهم ولا اختيار لكم في اتّخاذ المودّة بينكم وبين مَن كفّرهم ، والشاهد عليه قوله تعالى : (بَعْضُهُمْ أوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) ، وقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ ) ، فإنّ عقد ولاية النصر واشتراطها بين قومين لا يوجب صيرورة أحدهما الآخر ولحوقه به ، ولا أنّه يصحّ تعليل النهي عن هذا العقد بأنّ القوم الفلاني بعضهم أولياء بعض ، بخلاف عقد ولاية المودّة التي توجب الامتزاج الروحي والنفسي بين الطرفين وتبيح لأحدهما التصرّف الروحي والجسمي في شؤون الآخر، وعلى أنّه ليس من الجائز أن يعدّ النبيّ  6 وليّآ للمؤمنين بمعنى ولاية النصرة بخلاف العكس ، والمراد بها النصرة في الدنيا كما قال المسيح  7: (مَنْ أنْصَارِي إلَى اللهِ) ، وأمّا قوله في آخر الآية الثانية : (فَإنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ ) ، فإنّ الغلبة كما تناسب الولاية بمعنى النصرة ، كذلک ولاية التصرّف ، وكذا ولاية المحبّة والمودّة .
وأمّا الجواب عن الإشكال الثاني ، فإنّ التجوّز في الحصر لا يكون إلّا على سبيل التنزيل بمعنى أنّ حصر الولاية بمعنى المحبّة فيه تعالى ورسوله  6 إنّما يصحّ باعتبار أنّ محبّة سائر المؤمنين بعضهم بعضآ من حيث الإيمان ترجع إلى محبّته بعد محبّة رسوله  6 لأنّ الأصل إنّما هو الله تعالى ورسوله  6، والمؤمن الذي قرنه برسوله  6 كان إمامآ مفترضآ طاعته لا يكمل الإيمان إلّا بقبول ولايته والاستمساک بحبله ، يصحّ حصر المحبّة فيه أيضآ لأنّه أصل في الإيمان كما أنّ الرسول أصل فيه وإلّا فلا مجال لحصر المحبّة فيه لعدم رجوع محبّة المؤمنين إلى محبّته .
ضرورة أنّ التجوّز في الحروف إنّما يكون بتبع مدخولها، لما لم ينزل المدخول منزلة المحصور فيه لا يصحّ دخول أداة الحصر، وحصر الولي فيه تعالى شأنه وفي رسوله  6 وفي المؤمن الموصوف بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة في حالة الركوع ، لو كان تنزيلا بأخذ الولي بمعنى المحبّ أو الناصر إنّما يصحّ إذا نزلت محبّتهم ومودّتهم منزلة جميع من وجبت مودّتهم ومحبّتهم من المؤمنين ، وهذا لا يتمّ إلّا بأن يكون المؤمن قريبآ لرسول الله  6 خليفةً عنه وحجّةً على عباده ، وإلّا فلا مجال للتنزيل وجعله قرينآ لرسوله  6 في حصر المحبّة فيه يقضتي اختصاصها به ، ولا يختصّ بها غيره .
إن قلت : الحصر لا يتمّ على مذهبكم أيضآ لا تحقيقآ ولا تنزيلا؛ لأنّ الإمامة والخلافة لا تنحصر في واحد باعتقادكم بل عددهم عندكم اثنا عشر فما هو الحلّ ؟
قلت : هذا إذا كانت إمامة كلّ واحد منهم في عرض إمامة الآخر كاستحقاق الشركاء بالنسبة إلى ما اشتركوا فيه ، أمّا إذا كانت إمامة كلّ واحد منهم على سبيل الترتيب فلا يرد هذا الإشكال ويصحّ حصر الولاية في المترتّب عليه لرجوع ولاية المترتّبين إلى ولايته فيصحّ حصر الولاية في المؤمن الموصوف في الآية الكريمة لرجوع ولاية سائر الأئمة إلى ولايته كما يصحّ الولاية في الرسول  6 باعتبار رجوع ولاية الجميع إلى ولايته ، كما يصحّ حصر الولاية في الله سبحانه وتعالى ، لأنّه الأصل في الولاية وولاية الرسول  6 والمؤمن مترتّبة على ولايته عزّ وجلّ .
بقي الكلام في معنى الولاية المحصورة في الله سبحانه وتعالى
وفي الرسول  6 وفي المؤمن الموصوف بما وصفه الله في الآية الكريمة .
فنقول : الولاية قسمان  :
 الولاية التكوينية  :
وهي التي تصحّح التصرّف في كلّ شيء وتدبير أمر الخلق بما شاء وكيف شاء، وهذه الولاية لله سبحانه وتعالى أوّلا، ثمّ لغيره بإذنه ثانيآ، كما قال عزّ وجلّ : (أمِ آتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِيَاءَ فَاللهُ هُوَ الوَلِيُّ) ، وكذا قوله تعالى : (مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أفَلا تَتَذَكَّرُونَ) ، وقال : (أنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) ، وقال : (فَمَا لَهُ مِنْ
وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ )  وعيسى بن مريم يصنع من الطين طيرآ بإذن الله سبحانه .
فائدة  :
لله سبحانه وتعالى ولاية النصرة كما في قوله تعالى : (ذَلِکَ بِأنَّ اللهَ
مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأنَّ الكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ ) ، وفي معنى ذلک قوله تعالى : (وَكَانَ حَقّآ عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ ) .
الولاية التشريعية  :
وهي القيام بالتشريع والدعوة وتربية الاُمّة والحكم فيهم والقضاء في أمرهم . وذكر الله سبحانه وتعالى هذه الولاية لنفسه ، كقوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ) ، وقوله : (وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ ) ، وذكر سبحانه وتعالى
لنبيّه  6 هذه الولاية كما في قوله تعالى : (النَّبِيُّ أوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ)، وقوله : (إنَّا أنزَلْنَا إلَيْکَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَـيْنَ النَّاسِ بِمَا أرَاکَ اللهُ)، وقوله تعالى : (وَأنِ آحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أنزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أهْوَاءَهُمْ وَآحْذَرْهُمْ أنْ يَفْتِنُوکَ عَنْ بَعْضِ مَا أنزَلَ اللهُ إلَيْکَ ) .
وهذا المعنى من الولاية التي تثبت لله سبحانه وتعالى تثبت للمؤمن الموصوف في هذه الآية ، بدليل وحدة السياق على كون هذه الولاية يؤمن الله ويؤمن للمؤمنين ـفكرّر لفظ الإيمان لما كان في كلّ من الموضعين معنى غير الآخر، وإليک قول الزمخشري حيث قال في تفسير الآية ـ، ومعنى (إنّما) وجوب اختصاصهم بالموالاة ، فإن قلت : قد ذكر جماعة فهل قيل (إنّما أولياؤكم )؟ قلت : أصل الكلام (إنّما وليّكم الله) فجعلت الولاية لله سبحانه وتعالى على طريق الأصالة ثمّ نظم في سلک إثباتها لرسول الله  6 والمؤمنين على سبيل التبع ، ولو قيل  : (إنّما أولياؤكم الله... إلخ ) لم يكن في الكلام أصل وتبع .
ثمّ في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .
قبل الدخول في المراد من هذه الأوصاف والنظر في الروايات وبيان الإشكالات الواردة على القول الصحيح في معنى الولاية ، ـوهو القول الأوّل بمعنى ولاية التصرّف ـ لا بدّ من بيان محلّ إعراب (الذين يقيمون الصلاة ) أوّلا، وثانيآ بيان أنّ (الواو) في قوله تعالى : (وهم راكعون ) من أيّ أقسام الواو المذكورة في الأدب العربي .
فالجواب : قوله تعالى : (الذين يقيمون ) محلّه رفع على البدل أو البيان من قوله (الذين آمنوا)، أو الرفع على تقدير مبتدأ (أي هم الذين )، أو النصب بفعل محذوف على المدح (امدح الذين ) كما وقع نظيره على الذمّ في قوله (وَآمْرَأتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ ) .
أمّا الجواب عن السؤال الثاني فنقول : إنّ الصحيح أنّ الواو للحاليّة ، حال من فاعل يؤتون وهو العامل فيه .
والبحث المهمّ هنا هو بيان المراد والمقصود من هذه الآية ، هل المراد من قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ )... إلخ ، هم المؤمنون كما يقتضي ذلک التعبير بلفظ الجمع ، أو المراد هو مصداق مخصوص ، وهو الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب  7؟
قولان ، كما في معنى الولاية  :
الأوّل للإماميّين ، إنّها لمصداق مخصوص .
والقول الثاني لأهل العامّة لمصداق عامّ وهم المؤمنون .
والصحيح الأوّل ، الدليل على ذلک الروايات كما سيأتي ذكرها والحصر، إذ ليس له مزيّة في القضيّة إنّما اُخذت معرفة لا عنوانآ يدور مداره الحكم ، أمّا القول الثاني فيستدلّون على قولهم بالظاهر حيث عبّر سبحانه وتعالى بلفظ الجمع .
واستشكلوا على القول الأوّل  :
1 ـ بأنّ لازمه إطلاق الجمع وإرادة الواحد، فإنّ المراد بـ(الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ... إلخ ) على هذا التقدير، هو عليّ  7، ولا يساعده اللغة .
2 ـ إنّ لازمه كون المراد بالزكاة هو التصدّق بالخاتم ، ولا يسمّى ذلک زكاة ، فيتعيّن أخذ الآية بنحو العموم ، وتكون مسوقة لمثل قصر القلب أو الأفراد، فقد كان المنافقون يسارعون إلى ولاية أهل الكتاب ويؤكّدونها، فنهى الله عن ذلک ، وذكر أنّ أولياءهم إنّما هم الله ورسوله والمؤمنون حقّآ دون أهل الكتاب والمنافقين ، ويدفع مخالفة الظاهر في قوله تعالى : وهم راكعون ، بحمل الركوع على معناه المجازي وهو الخضوع لله سبحانه وتعالى .
      والجواب عن الإشكال الأوّل ، هو أن نجيب عنه أوّلا بقول بعض من علمائهم وهو الزمخشري وبعد ذلک ننقض عليهم بإطلاق الجمع وإرادة الواحد في بعض الآيات المتّفق عليها.
أمّا قول الزمخشري فهو: «إنّما نزلت في عليّ كرّم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه ، كأنّه كان مرجآ في خنصره ، فلم يتكلّف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته .
فإن قلت : كيف صحّ أن يكون لعليّ رضي الله عنه واللفظ جماعة ؟
قلت : جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب رجلا واحدآ ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ، ولينبّه على أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والإحسان وتفقّد الفقراء حتّى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخّروه إلى الفراغ منها»... انتهى كلامه .
أضف إلى ذلک : إنّ التعبير بها في مقام التعظيم شائع ، وفي التعبير عن أمير المؤمنين  7 بصيغة الجمع أمر آخر غير هذين الأمرين ، وهو أنّ إيمانه أكمل مراتب الإيمان سبقآ وثباتآ ويقينآ، وإنّ طاعته لله تعالى أتمّ درجات الطاعات إخلاصآ متمحّضة في وجه الله تعالى ، خالية عن شائبة الطمع والخوف كما قال  7: «ما عبدتک خوفآ من نارک ، ولا طمعآ في جنّتک ، بل وجدتک أهلا للعبادة فعبدتک ». فعبّر عنه بصيغة الجمع تنبيهآ على هذا المعنى ونزّله منزلة جميع المؤمنين لأنّه حصل على جميع مراتب الإيمان ، وأشدّ درجات الطاعات وأكملها، وقد دلّت عليه نصوص الفريقين في مواطن كثيرة مثل قوله  6 حين برز إلى عمرو بن عبد ودّ: «برز الإيمان كلّه إلى الشرک كلّه »، وكذلک قال  6 في غزوة تبوک : «لأعطينّ الراية غدآ رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، كرّارآ غير فرّار، لا يرجع حتّى يفتح الله على يديه ».
أمّا النقض ، فنقول : يا ليت شعرنا ماذا يقولون في مثل قوله تعالى  : (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَـتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أوْلِـيَاءَ تُـلْـقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ وَقَدْ كَـفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإيَّاكُمْ أنْ تُـؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادآ فِي سَبِيلِي وَآبْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ ) ، وقد صحّ أنّ المراد به حاطب بن أبي بلتعة في مكاتبته قريشآ.
وكذلک قوله تعالى : (يَـقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى المَدِينَةِ لَـيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ ) ، قد صحّ أنّ القائل به عبد الله بن أبي سلول .
وكذلک قوله تعالى : (يَسْألُونَکَ مَاذَا يُنفِقُونَ ) .
أو: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّآ وَعَلانِيَةً ) ، وقد ورد أنّ السائل والمنفق واحد.
وكذلک قوله تعالى : (يَقُولُونَ نَخْشَى أنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ) ، والقائل هو عبد الله بن اُبيّ.
إن قيل : إنّ هذه الموارد عبّر فيها بصيغة الجمع مع النظر إلى الواحد ومن يرضى بفعلهم أو يرضى برأيهم ، نقول : إنّ محصّله جواز ذلک في اللغة لنكتة مجوّزة ، فلتجد الآية (وَالَّذِينَ آمَنُوا) إلى قوله (وَهُمْ رَاكِعُونَ ) هذا المجرى ، والنكتة هي الإشارة إلى أنّ أنواع الكرامات الدينية ومنها الولاية ليست موقوفة على بعض المؤمنين دون بعض ، وإنّما يتّبع التقدّم في الإخلاص والعمل لا غير، مضافآ إلى أنّ الناقلين لهذه الأخبار هم الصحابة والتابعون المتّصلون بهم زمانآ وهم من زمرة العرب العرباء الذين لم تفسد لغتهم ولم تختلط ألسنتهم ، ولو كان هذا النحو من الاستعمال غير جائز لكانوا أحقّ باستشكاله والاعتراض عليه ولم يؤثر من أحد منهم ذلک .
وأمّا الجواب عن الإشكال الثاني ؛ فمدفوع بأنّ تعيين لفظ الزكاة في معناها المصطلح إنّما تحقّق في عرف المتشرّعة بعد نزول القرآن بوجوبها وتشريعها في الدين ، وأمّا الذي تعطيه اللغة فهو أعمّ من هذا المصطلح ويساوي عند الإطلاق معنى إنفاق المال لوجه الله، واستعمل في القرآن الكريم مثل قوله تعالى في إبراهيم وإسحاق ويعقوب  :: (وَأوْحَيْنَا إلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإقَامَ الصَّلاةِ وَإيتَاءَ الزَّكَاةِ ) ، وكذلک قوله تعالى في إسماعيل : (وَكَانَ يَأمُرُ أهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّآ) ، ومن المعلوم أن ليس في شرائعهم الزكاة الماليّة بالمعنى الذي اصطلح عليه في الإسلام .
وانظر إلى آية الزكاة ، أعني  : (خُذْ مِنْ أمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاتَکَ سَكَنٌ لَهُمْ ) ، تدلّ على أنّ الزكاة من أفراد الصدقة ، وإنّما سمّيت زكاة الصدقة مطهّرة مزكّية مطلقآ، وقد غلب استعمالها في الصدقة المصطلحة .
فظهر ممّا ذكرنا أنّه لا مانع من تسمية مطلق الصدقة والإنفاق في سبيل الله زكاة .
وأمّا قولهم بأنّ مخالفة الظاهر في قوله تعالى : (وَهُمْ رَاكِعُونَ ) يندفع بحمل الركوع على معناه المجازي ، ويراد به الخضوع والخشوع ، فلا حاجة وموجب لارتكاب خلاف الظاهر، لأنّه كلفظ الصدقة والزكاة ، فالركوع في المعنى المصطلح تطلق على الهيئة المخصوصة في العبادة ، ولكن تكون في اللغة بمعنى الخضوع والخشوع ، فلا مانع من تسمية الخضوع والخشوع ركوعآ، ولا مانع من إرادة الركوع الحقيقي ، كما تدلّ عليه الروايات ، ولا يلزم منه إفساد الصلاة لكثرة العمل كما قاله الزمخشري .
وأخيرآ: حان البحث عن الروايات بعد أن تمّ الكلام في البحث عن المفردات ، فلا بدّ أن نعرف شأن نزول هذه الآية الكريمة .
والروايات على طائفتين  :
 الطائفة الاُولى ـ المشهورة  :
وهي على قسمين : قسم في مصادر العامّة ، وقسم في مصادر الإماميّة .
والروايات المذكورة في كتب العامّة تؤيّد أنّ المؤمن الموصوف بهذه الصفات هو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب  7، وقد ذكر في غاية المرام في تفسير هذه الآية من طريق العامّة أربعة وعشرين حديثآ، فقال  :
الحديث الأوّل  : قال الثعلبي : قال السدّي وعتبة بن أبي حكيم وغالب بن عبد الله: إنّما عنى بقوله سبحانه وتعالى : (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ... إلخ ، عليّ بن أبي طالب  7، لأنّه مرّ به سائل ـوهو راكع في المسجدـ وأعطاه خاتمه .
ثمّ قال الثعلبي : أخبرني أبو الحسن محمّد بن القاسم الفقيه ، قال  : حدّثنا عبد الله بن أحمد الشعراني ، قال : أخبرنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين ، قال : حدّثنا المظفّر بن الحسن الأنصاري ، قال : حدّثنا السري بن علي الورّاق ، حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، عن قيس بن الربيع ، عن الأعمش بن عباية بن الربعي ، قال : حدّثنا عبد الله بن عباس  2 وهو جالس بشفير زمزم ، يقول : قال رسول الله  6 إذ أقبل رجل معتمّ بعمامته فجعل ابن عباس يقول : قال رسول الله  6، إلّا وقال الرجل : قال رسول الله  6، فقال له ابن عباس : سألتک بالله ممّن أنت ؟ قال : فكشف العمامة عن وجهه ، وقال : يا أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري ، أبو ذرّ الغفاري ، سمعت رسول الله  6 بهاتين وإلّا صُمَّتا، ورأيته بهاتين ، وإلّا فعميتا، يقول : عليّ قائد البررة وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، أما إنّي صلّيت مع رسول الله  6 يومآ من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال : «اللهمّ اشهد إنّي سألت في مسجد رسول الله  6 فلم يعطني أحد شيئآ»، وكان عليّ  7 راكعآ فأومأ إليه بخنصره اليمنى ، وكان يتختّم فيها، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره وذلک بعين النبيّ  6 فلمّا فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء، وقال : اللهمّ موسى سألک فقال : ربِّ اشرح لي صدري ... إلخ ، فأنزلت عليه قرآنآ ناطقآ (سَنَشُدُّ عَضُدَکَ بِأخِيکَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانآ فَلا يَصِلُونَ إلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا) ، اللهمّ وإنّ محمّد نبيّک وصفيّک ، اللهمّ واشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيرآ من أهلي ، عليّآ اشدد به ظهري . قال أبو ذرّ: فما استتمّ رسول الله  6 الكلمة حتّى نزل جبرئيل  7 من عند الله تعالى فقال : يا محمّد، إقرأ. قال : وما أقرأ؟ قال : إقرأ (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ )... إلخ .
الحديث الثاني  : ومن الجمع بين الصالح الستّة لزين من الجزء الثالث من تفسير هذه الآية من صحيح النسائي عن ابن سلام قال : أتيت رسول الله  6 فقلنا: إنّ قومنا حادّون لما صدقنا الله ورسوله وأقسموا أن لا يكلّمونا فأنزل الله تعالى : (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)... إلخ ، أذّن بلال لصلاة الظهر فقام الناس يصلّون فمن بين ساجد وراكع ، إذ سائل يسأل وأعطى عليّ  7 خاتمه وهو راكع فأخبر السائل رسول الله  6 فقرأ علينا رسول الله  6: (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ )... إلخ .
الحديث الثالث  : موفّق بن أحمد في جواب مكاتبة معاوية إلى عمرو بن العاص ، قال عمرو: لقد علمت يا معاوية ما أنزلت في كتابه عليّ  7 من الآيات المتلوّة في فضائله التي لا يشاركه فيها أحد كقوله تعالى  : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) ، و(إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) ، وقوله  : (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) ، وقد قال الله تعالى لرسوله  6: (قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرآ إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى ) .
الحديث الرابع  : موفّق بن أحمد وانتهى إسناده إلى ابن عباس  2 قال : أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممّن قد آمن بالنبيّ  9 فقالوا: يا رسول الله  6، إنّ منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ومتحدّث دون هذا المجلس ، وإن قومنا لمّا رأونا قد آمنّا بالله ورسوله  6 وقد صدّقناه رفضونا، وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا، ولا يناكحونا، ولا يكلّمونا، وقد شقّ ذلک علينا، فقال النبيّ  6: (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ )، ثمّ إنّ النبيّ خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع بصر بسائل فقال له النبيّ  6: هل أعطاک أحد شيئآ؟ قال : نعم ، خاتم ، فقال النبيّ  6: من أعطاكه ؟ فقال : ذلک . وأومأ بيده إلى عليّ بن أبي طالب  7، فقال النبيّ  6 : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ ) .
فأنشأ حسّان بن ثابت يقول  :
أبا حسنٍ تفديک نفسي ومهجتي         وكلّ بطيءٍ في الهدى ومسارعِ
أيذهب مدحي والمحبّين ضائعآ         والمدح في ذات الإله بضائعِ
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعآ         فدتک نفوس القوم يا خير راكعِ
بخاتمک الميمون يا خير سيّدٍ         ويا خير شارٍ ثمّ يا خير بائعِ
فأنزل فيک الله خير ولاية         وبيّنها في محكمات الشرائعِ
نكتفي بذكر هذه الأحاديث من الأحاديث المذكورة في كتاب (غاية المرام).
هذا في كتاب غاية المرام ، أمّا الكتب الاُخرى فكذلک كما رأيت في عبارات الزمخشري حيث قال  : «إنّها نزلت في عليّ كرّم الله وجهه »، ولم يذكر فيها قول آخر، وكذا قال ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب .
فالروايات الواردة في شأن نزول الآية كثيرة ومشهورة ، ومضمونها إنّها نزلت في حقّ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين  7.
هذا في كتب العامّة ، أمّا كتب الإماميّة فهي مملوءة بذكر هذه الأحاديث ، فلنتبرّک بذكر بعضها :
1 ـ ما في الكافي عن مولانا الصادق  7 في قول الله عزّ وجلّ  : (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ )... ، قال : إنّما يعني أولى بكم أي أحقّ بكم وبأموالكم من أنفسكم (اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)، يعني عليّآ وأولاده الأئمة إلى يوم القيامة ، ثمّ وصفهم الله عزّ وجلّ فقال : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )، وكان أمير المؤمنين في صلاة الظهر وقد صلّى ركعتين ، وهو راكع ، وعليه حلّة قيمتها ألف دينار، وكان النبيّ  6 كساه إيّاها وكان النجاشي أهداها له ، فجاء سائل فقال : السلام عليک يا وليّ الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم تصدّق على مسكين ، فطرح الحلّة إليه أو مى بيده أن احملها، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه هذه الآية .
2 ـ ما في الكافي ، عن مولانا الصادق  7 عن أبيه عن جدّه  6 في قوله عزّ وجلّ : (يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا) ، قال : لمّا نزلت 
(إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ )... إلخ ، اجتمع نفر من أصحاب رسول الله  6 في مسجد المدينة ، فقال بعضهم لبعض : ما تقولون في هذه الآية فقال بعضهم : إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، وإن آمنّا فهذا ذلّ حين سلّط علينا ابن أبي طالب  7، فقالوا: قد علمنا أنّ محمّدآ  6 صادق فيما يقول ، ولكن نتولّاه ولا نطيع عليّآ فيما أمرنا، فنزلت هذه الآية : (يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا)، يعني ولاية عليّ  7 وأكثرهم الكافرون بالولاية .
بعد إمعان النظر في الروايات ترى عدّة من الصحابة كأبي ذرّ وابن عباس وأنس بن مالک وعمّار وجابر وسلمة بن كحيل وأبي رافع وعمرو بن العاص وعليّ والحسين وكذا السجّاد وبقيّة الأئمة  : اشتركوا في نقلها ـبأنّها نزلت في حقّ أمير المؤمنين  7ـ وقد اتّفق على نقلها من غير ردّ أئمة التفسير المأثور كأحمد والنسائي والطبري وأئمة الحديث ، وقد تسلّم ورود الرواية المتكلّمون ، وأوردها الفقهاء في مسألة الفعل الكثير من بحث الصلاة ، وفي مسألة هل تسمّى صدقة التطوّع زكاة ، ولم يناقش في صحّة انطباق الآية على الرواية فحول الأدب من المفسّرين كالزمخشري وأبي حيّان .
أمّا قول البعض حيث قال : إنّ حديث نزول الآية في قصّة الخاتم موضوع مختلق وقد أفرط بعضهم كابن تيمية ، فادّعى إجماع العلماء على كون الرواية موضوعة ، فمردود غاية الردّ.
وأسألک بالله ـأيّها القارئ والمحقّق ـ أن تدقّق في أقوالهم حتّى تعرف عدم صحّة كلامه ، بل تتعجّب منه إذا ادّعى الإجماع ، وأين الإجماع مع هذا الاتّفاق على العكس ؟ وكيف أن تكون مختلقة مع وجود هذه الروايات الكثيرة والمشهورة والمعتبرة ، فهو لا يناقشها سندآ ولا دلالة ، بل ذهب إلى ادّعاء شيء لا يقبله المنصف بل أحد من الناس .
فائدة  :
العالم الحقيقي الخارج عن التشبيه من الآية الكريمة (كَمَثَلِ الكَـلْبِ إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ) ، هو العالم العامل 
بعلمه ، ولا يدخله إنكار أو تجاهل ، فلا تعتمد أيّها القارئ على قول العالم المنكر للواضح والبديهي ، ونسأل الله أن لا نكون من هؤلاء، وأن يهدينا الله إلى الطريق المستقيم ، آمين .
 الطائفة الثانية ـ الروايات الشاذّة  :
توجد في بعض الكتب روايات شاذّة وقليلة جدّآ ورأيت في كتاب (التفسير الكبير) للفخر الرازي عند تعرّضه لهذه المسألة قولا مأخوذآ من هذه الروايات الشاذّة حيث قال  : «أمّا استدلالهم بأنّ هذه الآية نزلت في حقّ عليّ فهو ممنوع ، فقد بيّنّا أنّ اكثر المفسرين زعموا أنّه في حقّ الاُمّة ، والمراد أنّ الله تعالى أمر المسلم أن لا يتّخذ الحبيب والناصر إلّا من المسلمين ، ومنهم من يقول إنّها نزلت في حقّ أبي بكر» انتهى كلامه .
أقول : من أين حصلت هذه الأكثريّة ، حيث قال إنّ أكثر المفسّرين زعموا أنّه في حقّ الاُمّة ، مع أنّ أكثرهم يقولون في حقّ عليّ بن أبي طالب  7؟ وكيف يجوز الأخذ بالروايات الشاذّة في قبال الروايات المشهورة وترک الروايات الشاذّة القليلة . اُنظر أقوال العلماء حيث لم يذكروا الروايات المخالفة لنزولها في حقّ عليّ بن أبي طالب  7.
وأتعجّب من الفخر الرازي عند ذكره الروايات يذكر أربع روايات ، ثلاثة منها في حقّ أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب  7، وواحدة منها في حقّ أبي بكر، فهذا دليل على قلّة الروايات في القول الثاني (أبي بكر).
إليک تفصيل قوله  :
القول الثاني  : إنّ المراد من هذه الآية شخص معيّن ، وعلى هذا ففيه أقوال  :
الأوّل : روى عكرمة أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر  2.
والثاني : روى عطاء عن ابن عباس  2 أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب  7. روي أنّ عبد الله بن سلام قال : لمّا نزلت هذه الآية قلت  : يا رسول الله، أنا رأيت عليّآ تصدّق بخاتمه على محتاج وهو راكع فنحن نتولّاه . وروي عن أبي ذرّ  2 أنّه قال : صلّيت مع رسول الله  6 يومآ صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطهِ أحد فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهمّ اشهد إنّي سألت في مسجد الرسول  6 فما أعطاني أحد شيئآ وعليّ   7 كان راكعآ، فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان فيها خاتم ، فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم بمرأى النبيّ  6 فقال : اللهمّ إنّ أخي موسى سألک فقال : «ربّ اشرح لي صدري » إلى قوله «وأشركه في أمري » فأنزلت قرآنآ ناطقآ «سنشدّ عضدک بأخيک ونجعل لكما سلطانآ»، اللهمّ وأنا محمّد نبيّک
وصفيّک فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيرآ من أهلي ، عليّآ اشدد به ظهري ، قال أبو ذرّ: فوالله ما أتمّ رسول الله  6 هذه الكلمة حتّى نزل جبرئيل فقال : يا محمّد اقرأ: (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ )... إلخ .
أقول : مع وجود هذه الروايات الكثيرة كيف يجوز له أن يناقش نزولها في حقّ عليّ بن أبي طالب  7، وبادر إلى إشكالات ظاهريّة في الآية حتّى يشكّک في نزولها في حقّ عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين
 7، يا ليت شعري لماذا لم يقبل بهذا القول في آية الوضوء حيث وافق أنّ ظاهر الآية تؤيّد المسح لكن قال : لولا وجود الروايات ، مع أنّ الروايات على قسمين بعضها تقول بالمسح وبعضها بالغسل . فعلى هذا يظهر للمحقّق والباحث عن الحقيقة إنّها نزلت في حقّ الإمام عليّ بن أبي طالب  7 ويطابقه ظاهر الآية وشأن نزولها، فيجب الاعتقاد بهذا
القول ، والتمسّک بولاية رسول الله وأمير المؤمنين  7.
أمّا قول الفخر الرازي بأنّ الآية لو سلّمنا نزلت في حقّ عليّ  7 لا تفيد شيئآ، لأنّ الولاية إذا كانت بمعنى مالک الأمر، فلا يجوز له التصرّف مع وجود الرسول  6 فالصحيح أن نجعل الولاية بمعنى المحبّ والناصر ولا يمنعه وجود الرسول  6. انتهى ـنقلناه بحسب المضمون ـ؛ فمردود لأنّ الآية تثبت حقّ الولاية وقابليّتها وتبيّن لنا بأنّ عليّ  7 هو الوليّ بعد
وفاة الرسول  6 فيجوز له التصرّف بعد وفاة الرسول  6 فما المانع في ذلک .
وكذلک قوله بأنّ الآية (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ )... إلخ ، نزلت في حقّ أبي بكر، فهي تدلّ على إمامته فيستلزم التناقض لو قلنا بدلالة هذه الآية على إمامة عليّ  7 فنقول : مَن هو الذي قال لک إنّها تدلّ على إمامته أوّلا مع وجود روايات تدلّ على أنّها نزلت في عليّ
 7، وكيف يكون تناقضآ بينها وبين هذه الآية مع وجود نصوص كثيرة تدلّ على إمامة عليّ  7 بنحو التصريح ، فهذا تجاهل ومكابرة .
وهذا لا ينبغي أن تصدر من العالم العامل بعلمه ، كما نراه كثيرآ يلعن الروافض عند قوله بعدم احتجاج عليّ  7 بهذه الآية عندما احتجّ بآية المباهلة وحديث الغدير وغيره ، فهذا دليل على وجود نصوص على إمامته وتعترف بها من حيث لا تعلم ، وعدم احتجاجه ليس دليلا على عدم تعلّقها به .
وأتعجّب من التناقض الموجود في كلمات بعض علماء أهل العامّة ، أذكر لک أيّها القارئ على سبيل الاُنموذج  :
قالوا: نحمل الركوع على المعنى المجازي وهو الخضوع ، فأقول  : كيف ترتكبون المجاز مع إمكان الحمل على المعنى الحقيقي وأنتم تستشكلون علينا بأنّ الأصل عدم الحمل على المعنى المجازي مع إمكان الحمل على المعنى الحقيقي .
اللهمّ اجعلنا من المتمسّكين بولاية أمير المؤمنين  7 والأئمة الطاهرين ، واجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم واحشرنا في زمرتهم ... وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

ارسال الأسئلة