فهرست کتاب
لیست کتابها
■ كلمتنا: نظرات عابرة تنفع المؤمنين والمؤمنات
■ اختلاف الطاقات الإنسانية - بقلم: السيد منير الخباز
■ ناجي البشر الموعود المنتظر - بقلم: سماحة السيد عادل العلوي
■ القصائد الخالدة - ادرك تراتك ايها الموتورُ - بقلم: جعفر الحلي
■ القانون لا يحمي المغفلين - هيئة التحرير
■ الاستعانة بغير اللّه ومسألة الشرك - بقلم: سماحة الشيخ جعفر السبحاني
■ مناظرة معتزلي مع بعضهم في حكم لعن معاوية
■ فوائد استماع القران الكريم
■ مشاعر الأبناء!
■ شعبية الحاج الملا علي الكني - سماحة السيد موسی الشبيري الزنجاني
■ زبدة الأسرار
■ هل أبوبكر وعمر وعثمان من أهل الجنة؟ - (١) - بقلم: محمّد بن محمد بن النعمان، المشهور بالشيخ المفيد
■ اختلاف الطاقات الإنسانية - بقلم: السيد منير الخباز
■ ناجي البشر الموعود المنتظر - بقلم: سماحة السيد عادل العلوي
■ القصائد الخالدة - ادرك تراتك ايها الموتورُ - بقلم: جعفر الحلي
■ القانون لا يحمي المغفلين - هيئة التحرير
■ الاستعانة بغير اللّه ومسألة الشرك - بقلم: سماحة الشيخ جعفر السبحاني
■ مناظرة معتزلي مع بعضهم في حكم لعن معاوية
■ فوائد استماع القران الكريم
■ مشاعر الأبناء!
■ شعبية الحاج الملا علي الكني - سماحة السيد موسی الشبيري الزنجاني
■ زبدة الأسرار
■ هل أبوبكر وعمر وعثمان من أهل الجنة؟ - (١) - بقلم: محمّد بن محمد بن النعمان، المشهور بالشيخ المفيد
- صوت الكاظمين _ العدد: 260 - 259. ربيع الأول و ربيع الثاني 1442 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 258 - 257. محرم الحرام و صفر 1442 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 256 - 255. ذي القعدة و ذي الحجة 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 254 - 253. رمضان الکريم وشوال 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 252 - 251. رجب المرجب و شعبان 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 250 - 249. جمادي الأولی و الثانية 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 248 - 247. ربيع الأول و ربيع الثاني 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 246 - 245. محرم الحرام و صفر 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 243 - 242. ذي القعدة وذي الحجة 1440 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 242 - 241. رمضان الکريم وشوال 1440 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد :239_240
- صوت الكاظمين _ العدد :237_238
- صوت الكاظمين _ العدد :235_236
- صوت الكاظمين _ العدد :233_234
- صوت الكاظمين _ العدد :231_232
- صوت الكاظمين _ العدد :53 _ 12 شوّال 1417 هجرية
- صوت الكاظمين _ العدد :43 _ 12 ذوالحجة 1416 هجرية
- صوت الكاظمين _ العدد :37 _ 12 جمادی الثانی 1416 ه.ق
- صوت الكاظمين _ العدد :الحادي عشر _ربيع الثاني 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :العاشر _ربيع الاول 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :التاسع _صفر 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الثامن _محرم 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :السابع _ذوالحجة 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :السادس _ذوالقعدة 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الخامس _شوال 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الرابع _شهر الرمضان 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الثالث _شعبان 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الثاني _رجب 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الاول _جمادي الثاني 1413 ه
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 230-229. رمضان و شوال 1439 هـ
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 228- 227. رجب المرجب و شعبان 1439 هـ
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 226-225. جمادی الأولی والثانية 1439 هـ
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 223-224 ربیع الأول والثاني 1439 هـ
- الكوثر العدد الرابع والعشرون - رجب 1432هـ
- الكوثر العدد الثالث والعشرون - رجب 1426
- الكوثر العدد العشرون محرّم 1425
- الكوثر العدد التاسع عشر رجب 1424
- الكوثر العدد الثامن عشر محرّم 1424
- الكوثر العدد السابع عشر رجب 1423
- الكوثر العدد السادس عشر محرّم 1423
- الكوثر العدد الخامس عشر رجب 1422
- الكوثر العدد الرابع عشر محرّم 1422
- الكوثر العدد الثالث عشر رجب 1421
- الكوثر العدد الثاني عشر محرم الحرام 1421
- صحیفة صوت الکاظمین 222-221 أشهر محرم الحرام و صفر 1439 هـ
- صحیفة صوت الکاظمین 219-220 أشهر ذي القعدة وذي الحجة 1438هـ . 2017م
- مجلة الکوثر - العدد السادس والثلاثون والسابع وثلاثون 36 - 37 - شهر رجب 1438هـ -2017م
- صحیفة صوت الکاظمین 216-218 أشهر رجب - شعبان - رمضان 1438هـ . نيسان / ايّار / حزيران 2017م
- مجلة الكوثر - العدد العاشر - محرم الحرام - سنة 1420 هـ
- مجلة الكوثر - العدد التاسع - رجب - سنة 1419 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الثامن - محرم الحرام - سنة 1419 هـ
- مجلة الكوثر - العدد السابع - 20 جمادي الثاني - سنة 1418 هـ
- مجلة الكوثر - العدد السادس - محرم الحرام - سنة 1418 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الخامس - 20 جمادي الثاني - سنة 1417 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الرابع - محرم الحرام - سنة 1417 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الثالث - 20 جمادي الثاني - سنة 1416 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الثاني - محرم الحرام - سنة 1416 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الاول - 20 جمادي الثاني يوم ولادة سيدة فاطمة الزهراء - سنة 1415 هـ
- مجلة عشاق اهل بیت 7
- مجلة عشاق اهل بیت 6
- مجلة عشاق اهل بیت 5
- مجلة عشاق اهل بیت 4
- مجلة عشاق اهل بیت 3
- مجلة عشاق اهل بیت 2
- مجلة عشاق اهل بیت 1
- صحیفة صوت الکاظمین 215-212 شهور ربیعین وجمادیین 1438هـ . دیسمبر / مارس2017م
- صحیفة صوت الکاظمین 210 -211 شهر محرم وصفر 1438هـ . أکتوبر/ نوفمبر 2016م
- صحیفة صوت الکاظمین 208 -209 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1437هـ .أغسطس/سبتمبر 2016م
- مجلہ عشاق اہل بیت 14و 15 ۔ ربیع الثانی 1437 ھ
- مجلہ عشاق اہل بیت 12و 13 ۔ ربیع الثانی 1436 ھ
- صحیفة صوت الکاظمین 206 -207 شهر رمضان وشوال 1437هـ .نیسان/أیار2016م
- مجلة الکوثر الرابع والثلاثون والخامس وثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م
- صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ .نیسان/ أیار 2016م
- صحیفة صوت الکاظمین 203-202 شهر جمادي الاول والثاني 1437هـ .فبرایر/مارس 2016م
- مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 201-200 شهر ربیع الاول والثاني 1437هـ .دیسمبر/کانون الاول 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 198-199 شهر محرم الحرام وصفر 1436هـ .اکتبر/نوفمبر 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 196-197 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1436هـ . اغسطس/سبتمبر 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 194-195 شهر رمضان وشوال 1436هـ . حزیران/تموز 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 193 شهر شعبان 1436هـ . مایو/آیار 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 192 شهر رجب المرجب 1436هـ . ابریل /نیسان 2015م
- مجلة الکوثر الثاني والثلاثون - شهر رجب المرجب 1436هـ -2015م
- مجلة الکوثر الواحد والثلاثون - شهر محرم الحرام 1436هـ -2014م
- صحیفة صوت الکاظمین 190 -191 شهر جمادي الاول والثاني 1436هـ. فبرایر/شباط 2015مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 189 شهر ربیع الثاني 1436هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 188 شهر ربیع الاول 1436هـ. کانون الاول/ کانون الثاني 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 187 شهر صفر المظفر 1436هـ. دیسمبر/ کانون الاول 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 186 شهر محرم الحرام 1436هـ. اکتوبر/ تشرین الاول 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 185 شهر ذي الحجة 1435هـ. سبتمبر/ أیلول 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 184 شهر ذي القعدة 1435هـ. اغسطس/ اب 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 183 شهر شوال المکرم 1435هـ. یولیو/تموز 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 182 شهر رمضان 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
- مجلة الکوثر الثلاثون - شهر رجب المرجب 1435هـ -2014م
- صحیفة صوت الکاظمین 181 شهر شعبان المعظم 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 180 شهر رجب المرجب 1435هـ. مایو/أیار 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 179 شهر جمادي الثاني 1435هـ. ابریل/نیسان 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 178 شهر جمادي الأول 1435هـ. مارس/آذار 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 177 شهر ربیع الثاني 1435هـ.فبرایر/شباط2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 176 شهر ربیع الأول 1435هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 175 شهرصفر 1435هـ. دیسمبر/کانون2013مـ.
- مجلة عشاق اهل بیت 11
- مجلة الکوثر التاسع والعشرون -شهر محرم الحرام 1435ه -2013م
- صحیفة صوت الکاظمین 174 شهر محرم الحرام1435
- صحیفة صوت الکاظمین 173 شهر ذي الحجة 1434
- صحیفة صوت الکاظمین 172 شهر ذي القعده
- مجلة عشاق اهل بیت شماره 10شوال 1434هـ
- صحیفة صوت الکاظمین 171 شهر شوال
- مجلة عشاق اهل بیت 8 - شوال 1333هـ
- مجلة عشاق اهل بیت 9 - ربیع الثانی 1334
- مجله الکوثر 28-رجب المرجب1434 هـ 2012 م
- مجله الکوثر 27-محرم الحرام1434 هـ 2012 م
- صوت الكاظمین-العدد 170-رمضان 1434 هـ -یولیو/تموز2013 م .
- مجلة صوت الکاظمین العدد166
- صوت الكاظمین-العدد 169-شعبان المعظم 1434 هـ - یونیو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 168-رجب المرجب 1434 هـ - مایو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 167 -جمادی الثانی 1434 هـ - أبریل 2013 م .
- صوت الكاظمین-العدد 165-ربیع الثانی 1434 هـ - فیرایر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 164-ربيع الاول 1434 هـ - يناير 2013 م .
- صوت الكاظمین-العدد 149-ذی الحجة 1432هـ - أکتوبر 2011 م .
- صوت الكاظمین-العدد 150-محرم الحرام 1433 هـ - نوفمبر 2011 م .
- صوت الكاظمین-العدد 151-صفر المظفر 1433 هـ - ینایر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 152-ربع الأول الخیر 1433 هـ - فبرایر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 153-ربیع الثانی1433 هـ - مارس 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 154-جمادی الأولی 1433هـ - مایو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 155-جمادی الثانی 1433 هـ - یونیو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 157-شعبان المعظم 1433 هـ - اغسطس 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 156-رجب المجرب 1433 هـ - یولیو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 158-رمضان الکریم 1433هـ - اغسطس 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 159-شوال 1433هـ - سبتمبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 160-ذی القعدیة 1433 هـ - سبتمبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 161-ذی الحجة 1433 هـ - آکتوبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 162-محرم الحرام 1434 هـ - نوفمبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 164-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 163-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
- مجله الکوثر 26-العدد السادس والعشرون رجب المرجب 1433هـ 2012م
- مجلة الکوثر 25
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحديث عن ناجي البشر الموعود المنتظر حديث وسيع مترامي الأطراف، متشعب البحوث،ومختلف الزوايا والجهات، إلّا أنّ المقصود من هذه المقالة الموجزة هو الإطلالة السريعة على أهمّ العوامل التي تجعل البشر ينتظر المخلّص الموعود فكلّ ملّة ونحلة تنتظر يوم الخلاص، اليوم الذي تُملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، تنتظر ذلك الناجي المخلّص المهدي الموعود الذي يقوم بالقسط والعدالة في مشارق الأرض ومغاربها وشمالها وجنوبها، وتنزل السماط رحماتها وفیوضاتها وتخرج الآرض برکاتها وجمالها.
وأمّا العوامل والأسباب الدّاعية للإنتظار ونشوق بوم الخلاص فهي كما يلي:
أولاً: لابدّ من حياة البشر وحياة الإنسان وديمومية الحياة البشرة والإنسانية، فلا معنى للإنتظار لو كان البشر ميّتاً.
وثانياً: لابدّ للبشر أن يتخلّص من الجهل العلمي، ليكون عالماً في حياته، فإنّ الجهل من الموت.
وثالثاً: لابدّ ومن الضروري أن يتخلّص البشرية أيضاً من الجهالة العمليّة، حتى يكون عاقلاً، فإنّ الجهل تارة يقابله العلم وهو الجهل العلمي واُخرى يقابله العقل وهو الجهالة العمليّة.
ورابعاً: لابدّ من التخلّص من الظلم والجور ليكون عادلاً عدلاً فردياً وإجتماعياً.
وخامساً: لابدّ من الحرّية الإنسانية المعقولة والخلاص من عبودية الآخرين، حتى يكون حُرّاً ومستقلاً يُحافظ على كرامته الإنسانية، فينجو من بلايا الإستعمار والإستكبار والإستثمار والإستحمار والإستعباد للغير وما شابه ذلك من مظاهر عبودية غير الله سبحانه فلا يظلم، ولا يُظلم، ولا يستعبد الآخرين، لا يكون عبداً للآخرين.
وغير ذلك من المحاسن والفضائل الإنسانية والبشرية، مما يدل على ضرورة تحققها في المجتمعات وفي الأرض بالوحدان والفطرة الإنسانية السليمة، وبالعقل السليم، كما هو رسالة السماء ومنطق الأنبياء ودعوة المرسلين.
فالله سبحانه قد شخّص كل هذه العوامل والعلل من شرايعه وكتبه وصحفه المنزلة على أنبياءه ورسله، كما قال سبحانه في كتابه المهيمن القرآن الكريم في سورة الحديد: آية 25: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ .
وكما في سُنّة الرسول الأعظم محمد| ومنهاج العترة الطاهرة الأئمة المعصومين^.
وإنّ الله بعث الأنبياء وأرسل الرُسل من أجل ذلك، ليبقى المجتمع الإنساني والبشري حيّاً عاقلاً وعالماً عادلاً.
وربما يمكن تلخيص ذلك كلّه في كلمة واحدة تحكي الأهداف والمقاصد المقدسة في الدين، وفيها عصارة ما جاء به الأنبياء من آدم وإلى الخاتم×، وهذا ما يحقّقه لنا في آخر الزمان منجي البشرية ومخلّصها، الإمام المهدي الموعود المنتظر عجل الله فرجه الشريف، وأرواحنا وأرواح العالمين لمقدمه الفداء.
وإذا أردنا تفصيل هذه الكلمة، فإنّها عبارة عن متن وشرح، أمّا المتن فهو في مثل قوله تعالى في سورة الأنفال: آية 24 ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾، فالحياة البشرية في إستجابة تلبية دعوة الله والرسول.
وأمّا الشرح والتفاصيل، فإنّها في الآيات الأُخرى التي فيها بيان فضل العلم والعلماء، والعقل والعقلاء، والعدل والعدول والحرية والأحرار، والخلاص من عبودية غير الله سبحانه ومن أتباع الهدى وعبادة الأصنام والمال والجاه وما شابه ذلك كالبطن والفرج، فإنّ العبادة بمعنى التذلّل، فمن الناس من يتذّلل لغير الله سبحانه حتى يكون ذليل بطنه وفرجه، فيعطي الله سبحانه في الملاذ والشهوات والمحرّمات، فلابدّ من الخلاص من عبودية النّفس الأمارة بالسوء، ومن شياطين الجن والإنس، وبالإخلاص يكون الخلاص، فأخلص تنل وتصل إلى مقام التوحيد الخالص، والصيانة من الشرك الجلّي والخفي، كالرياء وغير ذلك من الصفات الذميمة والأعمال السيئة.
وما جاء في روايات المسلمين سنة وشيعة بتعابير مختلفة، إلّا أنّها ذات مضمون واحد بأنّه (من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية) فمن وراء هذا الحديث الشريف نداء عالمي ولكلّ البشر، بأنّه من لم يعرف إمام زمانه، فإنّه أولاً: يكون بحكم الميت وثانياً: موته ميتة الجاهلية.
فيبتلى بالسّلب التامة، وليس التّامة، كما يبتلىبالسلب الناقص وبليس الناقصة، وبذلك يقابل ويفقد وكان التامة، و(كان الناقصة) والأولى تدل على ثبوت الشيء، والثانية على ثبوت شيء لشيء، والسّلب نقيضه، فيكون ميتاً كما يكون موته موت جاهلي.
وإذا أراد الحياة الطيّبة، فلابدّ أوّلاً: من أن يكون حيّاً، وثانياً: أن تكون حياته حياة عقلائية ومعقولة، وثالثاً: إنّما يتّم ذلك بمعرفة إمام زمانه.
المقصود من معرفة الإمام:
ثم ليس المقصود وأن يعرف هويّته الشخصية ونسبه وإمامته وسيرته وحسب، بل لابدّ أن يعرف معنى ومقصود والغرض من إمامته، ويعرف عصمته الذّاتية وعلمه اللّدني وارتباطه بالسماء وحجّته على الخلائق، فيعرف إمامته التكوينية، وإمامته التشريعية، الحافظة للشريعة الإلهية، كما يعرف إمامته السياسية والإجتماعية، ويقف على ولايته التكوينية والتشريعيّة، كما يعرف كيفية علمه اللّدني والإيحائي قرعاً بالأسماع ونكث في القلوب، كما ورد في الأخبار الشريفة.
فمن لم يعرف إمام زمانه بهذه المعرفة الجلالية والجمالية والكمالية، كانت معرفته ناقصة، وكان موته موتاً جاهلياً.
فإذا أراد أن يكون حيّاً أولاً، وحياته حياة عقلائية وإنسانية ثانياً، فلابدّ أن يعرف إمام زمانه معرفة ولائيّة وحُجيّة على الخلق، ويعرف عصمته الذاتية وعلمه اللّدني، ممّا يربطه بالسّماء ومباشرةً.
ثم لا يخفى أنّه قال المعصومون الأربعة عشر الرسول الأعظم محمد| وأمير المؤمنين علي المرتضى× وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء‘، والأئمة الأحد عشر من ولد علي وفاطمة^: أنّ الثقلين من بعد رسول الله| (كتاب الله والعترة الطاهرة) وإنّهما لن يفترقا منذ البداية وحتى النهاية، في الدنيا والآخرة، فكلّ شيء في القرآن هو عند العترة، وكل شيء عند العترة هو في القرآن، فما يدل على القرآن الكريم بالدّلالة المطابقية يدل على العترة الطاهرة^ بالدلالة الإلتزامية وكذلك العكس، لنظافتهما وإنهما لن يفترقا في كلّ شيء.
فإذا مات من لم يعرف إمام زمانه ميتة الجاهلية، فكذلك من لم يعرف القرآن إذا مات مات ميتة الجاهلية، وليس المراد من معرفة القرآن أن يعرف مفرداته كما في التفاسير، وإنّه كتاب من السماء نزل في ليلة القدر، يحوي على مأة وأربعة عشر سورة وعلى آيات ستة آلاف وكذا وكذا أو يحفظ جزء من القرآن أو القرآن أوالقرآن كلّه، وإن كان هذا من المطلوب أيضاًن ولكن المقصود من معرفة القرآن الكريم أن يعرف الوحي،وما وراء الوحي من المقاصد والأهداف المقدسة، وأن يعرف رسالة السماء والمرسل والرّسول، فمن لم يعرف القرآن كذلك، ومات فإنّه يموت موت الجاهلية.
وإذا كان القرآنومعرفته سبباً لحياة البشر وعقلانيّته، فكذلك وجود ومعرفة صاحب الزمان× ذلكالإنسان الكامل والقرآن العيني والناطق، الذي يتجلّى فيه إسم الله الأعظم، حجة الله على الخلائق، بيمنه رُزق الورى، وبوجوده ثبتت الأرض والسّماء فكان القرآن وشريكه صاحب الزمان، هما سبب نجاة البشرية وحياتها العقلانية، وخلاصها من الظلم والطغيان،والفساد والعبودية لغير الله سبحانه، والخلاص من الجهل العلمي، والجهالة العمليّة، وذلك بالجهاد بكل أنواعه من الأصغر والأوسط والأكبر.
وإذا قال سبحانه وتعالى: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ﴾ .، فإنّه ناظر إلى هذا الجهاد بكل مفاهيمه ومصاديقه.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ .
من هو المنتظر الحقيقي؟
لاشكّ إنّ منأفضل الأعمال إنتظار الفرج،وإنتظار اليوم الموعود والمهدي المنتظر×، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
إلّا أنّه من المنتظر الحقيقي وما هو الإنتظار الإيجابي المطلوب،فإنّ من الناس من كان منتظراً مجازاً، أو مبتلى بالإنتظار السّلبي المذموم.
نقول: إنّ المنتظر الحقيقي هو الذي ينجو وينجي الآخرين، كالنّور الظاهر بنفسه والمظهر لغيره، وقد ورد أوصافه بالتفصيل في جملة من الروايات المعتبرة.
كما ذكر إجمالها في القرآن الكريم؟ فقد عرّفه الله سبحانه بأنّه من المجاهدين والمهاجرين إلى الله وإلى رسوله، مؤمناً بالله واليوم الآخر حقاً وصدقاً، يقيم الصلاة والصوم، ويؤتي الزكاة والخمس، وغيرها من الأوصاف العلمية والعلميّة.
ثم متن أصل هذه التفاصيل والفروعات والبيانات إنما تتخلّص ـ فيمن وصل إلى المقصود في مقاصده وسيره، ويراه في المقصد، كما في قوله تعالى ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ أي وصلوا إلى مقصد العلم والعقل ويرون المقصود وهو الله سبحانه في القصد العلمي والعقلي، فإنّه من الصعب المستصعب أن العالم والعاقل يصل إلى المقصد ويرى مقصوده في مقصده، فإنّه ليس كل عالم أو عاقل يصل إلى القصد ويرى مقصوده في مقصده، بل كثير منهم من هو في طريق المقصود، وإن مات شهيداً، فلم يقل سبحانه أن العقلاء والعلماء يصلون إلى المقصود في مقصده، بل عبّر عنهم بقوم العقلاء وقوم العلماء، وهذه القوميّة ليست قوميّة نسب وحسب، كالأقوام والقبائل والعشائر، بل من القيام بالشيء، فليس لهؤلاء العقلاء والعلماء زمان خاص أو مكان خاص يشار إليهما، فليس هؤلاء من قوم العرب أو قوم العجم في العالم، فلم يكن في الكرة الأرضية قوم يعرف عنهم بقوم العقلاء أو قوم العلماء لهم حكومة دولة في بقعة من بقاع العالم، فليس هؤلاء من الأقوام النسبية أو السببيّة.
فإنّ ما جاء في القرآن الكريم يصيغة ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾، فإنّ المقصود منهم الرّجال والنساء الذين هم من الأحياء أوّلاً، وليسوا من الأموات، وأنهم وصلوا إلى المقصود والمقصد ثانياً، وقاموا بالعقل أو العلم أوالفكر أوالإيمان .
ثالثاً: فليسوا من العقلاء والعلماء والفكّر من المؤمنين وحسب، وكم فرق بين من يصلّي ويأتي بصلاته وبينمن يقوم بالصلاة، كما في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ ، ففرق بين المصّلي بنفسه وبين القائم بالصلاة، أي من يحيي الصلاة في اُسرته وفي المجتمع ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ﴾ ، أولئك الذين يرثون الأرض من عباد الله الصالحين، وكم فرق بين العالموبين القائم بالعلم، وبين المقسط العادل وبين القائم بالقسط والقول وهكذا في الموارد الأخرى وفي الأوصاف والفضائل.
في رحاب المصلح العالمي:
لا ريب أنّ صاحب الأمر إمامنا المهدي× هو الذي يصلح العالم بأسره، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، لأنّه هو القائم بالعدل والعقل والعلم والإيمان في آخر الزمان، فلا يكفي للمصلح العالمي أن يكون عادلاً عالماً عاقلاً ومؤمناً وحسب، بل لابدّ من القيام بالعقل والعلم والعدل والإيمان، كالبنّاء، فإنّه تارة يكون بناءاً لدارٍ، واُخرى يكون قائماً بالبناء في دارٍ كالمعمار.
فمن لم يقم بالعقل والعلم والعدل، فإنّه لا يتمكن من حلّ مشاكله، ولا حلّ مشاكل المجتمع ومشاكل العالم والأمم والشعوب، فلا يتمكن أن يضع عنه وعن الآخرين الإصر والأغلال ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ .
وإنّما يفعل ذلك بالقدرة والإستطاعة وبحول الله وقوته من كان قائماً بالعقل والعلم والقسط، وهذا ما نراه في صاحب الزمان×، فإنّه القائم الذي يقوم بالعقل وبالعلم، كما ورد يزاد على عنوان الناس الواحد بأربعين، فإنّ الله يمسح على عقول النّاس آنذاك.
وكما الحجة بن ال حسن العسكري× القائم يقوم بالعدل والقسط ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً، فإنّه يقوم كذلك بالتوحيد الخالص وبالنبوة والإمامة والإيمان بالمعاد.
فإنّه× وعجل الله فرجه الشريف يوقظ العالم والأمة والمجتمع الإنساني الإيماني، ويرجع لهم الحياة الطيّبة، فمن كان نائماً وفي سباقٍ فإنّه يوقظه، ليقوم بالعدل ﴿وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ وهذه أطروحة الله في السّماء منذ أن خلق آدم×، كما هي من أهداف النبوة والإمامة التي لم تتحقق، وإنّما وعد الله سبحانه بتحققها في الواقع الخارجي في عصر ظهور الإمام القائم×.
فالمجتمع الحيّ والعاقل العالم القائم والمقاوم سيكون ناجياً وحيّاً، يعبد الله سبحانه ولا يشرك به أحداً، فلا يستثمر الآخرين ولا يستعبدهم، بل يدعو إلى عبادة الله وطاعته خالصاً ومخلصاً، وإلى إقامة الصلاة، فلا يكون شططاً وعوجاً، ولا بطراً ومفسداً، ولا أشراً ولا ظالماً، ولا يسمع باطلاً، ولا يفسح للباطل وأهله مجالاً قال سبحانه وتعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ . ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ﴾ .﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ﴾ .
فالأمر آنذاك يكون بنحو من الصعوبة بحيث لا يكفي للمرء أن يكون عادلاً وقائماً بالقسط، بل عليه أن يكون عدلاً وقوّاماً بالقسط ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾ .
وقوّامين بالعقل والعلم والإيمان، فمثل هذا المجتمع وإن كان في قلّة وندرة إلّا إنّه لا يصعب عليه إصلاح العالم وهدايته، وإقامة العدل والقسط في الأرض جميعاً.
مراتب الإنتظار ودرجات المنتظرين:
وهنا يتبيّن معنى الإنتظار ومراحله ودرجات المنتظرين، فليس كل المنتظرين سواسي في ساحة الإنتظار وساعته، بل منهم من كان من الممهّدين والموطئين للظهور كالعالم والعادل، ومنهم من كان قائماً بالعلم والعدل والعقل، فكان من المنتظرين فعليّاً وحقيقة، وأمّا الأدعية والأذكار وإنتظار الفرج والعبادات في عصر الغيبة، فإنّه لابدّ منها إلّا أنّها أرضية للظّهور، ويوم الخلاص والقيام بالعدل والقسط ولكن علامة المنتظر الحقيقي من كان قائماً بالعلم، وقائماً بالقسط وبالإيمان والعقل، فتدبّر.
إنّ الله سبحانه عندما يعرّف المؤمنين في سورة (المؤمنون) ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ .
فإنّه يشير في آياته أيضاً إلى القوم الذين يسارعون إلى الخيرات ويتسابقون: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ . ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ﴾ ، فإنّه يشير أيضاً إلى أنه أتعلمون من الذي يسارع ويتسابق إلى مغفرة من ربه وإلى الخيرات ومن الذي يكون إماماً للمتقين في سباقه ومسارعته وفوزه، فليس الإمامة لمن كان كبير السّن، أو كان من العائلة الفلانية، أو صاحب ثروة ومال وجاه ومقام، بل من كان حاملاً في عقائده وسلوكه وحياته وسيرته الإيمان المأخوذ من الثقلين: (كتاب الله والعترة الطاهرة^).
هذا أولاً، فإنّهم المسارعون والسابقون، وثانياً: ثم سبحانه وتعالى يعرف هؤلاء بأنهم ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ .
فهؤلاء العقلاء والعلماء من أهل الخشية والإيمان والتوحيد الخالص قد أفلحوا أو فازوا، وهم الذين لا يشركون بالله مطلقاً لا شركاً جلياً ولا شركاً خفياً، بل كانوا من الموحدين المخلصين قولاً وعملاً، فيأتون بما أرمهم الله سبحانه وقلوبهم خائفة وجلة، فإنّهم إلى ربهم يرجعون.
﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ﴾ فإنّ الشرك الخفي كالرياء والعجب وطلب ما سوى الله سبحانه وتعالى قد أصاب ويصيب كثير من المؤمنين. كما قال سبحانه وتعالى ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ . ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ .
ثم في سورة المؤمنون من المطالب السّنية والعليّة إشارة إلى معرفة السابق والمسارع على الخيرات وإلى مغفرة من ربه، أولئك الذين من خشية ربهم مشفقون، ولكن كأنما هذا لا يكفي في مقام كمال الإيمان، بل أولئك ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ﴾، بل أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون.
فإذا قراتم أو سمعتم (فاستبقوا) وقراتم وسمعتم (فسارعوا) فإن السباق والإسراع لهؤلاء الأصناف من الناس الذين لا يشركون بالله، والقائمون بالتوحيد الخالص قولاً وعملاً.
وأخيراً: وزبدة الكلام: إذا ظهر صاحب الزمان وقطب عالم الإمكان الذي بيمنه رزق الورى، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء، فإنّ المجتمع الإنساني والعالمي يقوم بالعدل وبالعقل وبالإيمان وبالتوحيد، وكلّ هذا القيام العالمي إنّما هو في ظلّ وبركة قيام ذلك القائم بالله سبحانه، ومن معه من الرّجال السابقين والمسارعين إلى الخيرات وإلى أصلها ومعدنها وهو العدل الإلهي، فيصُلح العالم، وتنجو البشرية عندئذٍ، وتخرج من الظلمات إلى النّور، وتحيي القلوب والنفوس بحياة القرآن الكريم والعترة الطاهرة، وذلك هو الفوز العظيم، فياليتنا كنا معهم فنوز فوزاً عظيماً، رزقنا الله وإياكم أعلى درجات اليقين، وأفضل مراتب المخلصين، وجعلنا من خلّص المستشهدين بين يدي عصارة النبيين وخاتم الوصيين القائم بالله وبالدين، الحجة بن الحسن العسكري عجل الله فرجه الشريف، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .