ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/٨/١٥ من نحن منشورات مقالات الصور صوتيات فيديو أسئلة أخبار التواصل معنا
العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ کلمتنا
■ الحوزة
■ الثقافة
■ الواحة
  1. صوت الكاظمين _ العدد: 260 - 259. ربيع الأول و ربيع الثاني 1442 هـ
  2. صوت الكاظمين _ العدد: 258 - 257. محرم الحرام و صفر 1442 هـ
  3. صوت الكاظمين _ العدد: 256 - 255. ذي القعدة و ذي الحجة 1441 هـ
  4. صوت الكاظمين _ العدد: 254 - 253. رمضان الکريم وشوال 1441 هـ
  5. صوت الكاظمين _ العدد: 252 - 251. رجب المرجب و شعبان 1441 هـ
  6. صوت الكاظمين _ العدد: 250 - 249. جمادي الأولی و الثانية 1441 هـ
  7. صوت الكاظمين _ العدد: 248 - 247. ربيع الأول و ربيع الثاني 1441 هـ
  8. صوت الكاظمين _ العدد: 246 - 245. محرم الحرام و صفر 1441 هـ
  9. صوت الكاظمين _ العدد: 243 - 242. ذي القعدة وذي الحجة 1440 هـ
  10. صوت الكاظمين _ العدد: 242 - 241. رمضان الکريم وشوال 1440 هـ
  11. صوت الكاظمين _ العدد :239_240
  12. صوت الكاظمين _ العدد :237_238
  13. صوت الكاظمين _ العدد :235_236
  14. صوت الكاظمين _ العدد :233_234
  15. صوت الكاظمين _ العدد :231_232
  16. صوت الكاظمين _ العدد :53 _ 12 شوّال 1417 هجرية
  17. صوت الكاظمين _ العدد :43 _ 12 ذوالحجة 1416 هجرية
  18. صوت الكاظمين _ العدد :37 _ 12 جمادی الثانی 1416 ه.ق
  19. صوت الكاظمين _ العدد :الحادي عشر _ربيع الثاني 1414 ه
  20. صوت الكاظمين _ العدد :العاشر _ربيع الاول 1414 ه
  21. صوت الكاظمين _ العدد :التاسع _صفر 1414 ه
  22. صوت الكاظمين _ العدد :الثامن _محرم 1414 ه
  23. صوت الكاظمين _ العدد :السابع _ذوالحجة 1413 ه
  24. صوت الكاظمين _ العدد :السادس _ذوالقعدة 1413 ه
  25. صوت الكاظمين _ العدد :الخامس _شوال 1413 ه
  26. صوت الكاظمين _ العدد :الرابع _شهر الرمضان 1413 ه
  27. صوت الكاظمين _ العدد :الثالث _شعبان 1413 ه
  28. صوت الكاظمين _ العدد :الثاني _رجب 1413 ه
  29. صوت الكاظمين _ العدد :الاول _جمادي الثاني 1413 ه
  30. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 230-229. رمضان و شوال 1439 هـ
  31. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 228- 227. رجب المرجب و شعبان 1439 هـ
  32. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 226-225. جمادی الأولی والثانية 1439 هـ
  33. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 223-224 ربیع الأول والثاني 1439 هـ
  34. الكوثر العدد الرابع والعشرون - رجب 1432هـ
  35. الكوثر العدد الثالث والعشرون - رجب 1426
  36. الكوثر العدد العشرون محرّم 1425
  37. الكوثر العدد التاسع عشر رجب 1424
  38. الكوثر العدد الثامن عشر محرّم 1424
  39. الكوثر العدد السابع عشر رجب 1423
  40. الكوثر العدد السادس عشر محرّم 1423
  41. الكوثر العدد الخامس عشر رجب 1422
  42. الكوثر العدد الرابع عشر محرّم 1422
  43. الكوثر العدد الثالث عشر رجب 1421
  44. الكوثر العدد الثاني عشر محرم الحرام 1421
  45. صحیفة صوت الکاظمین 222-221 أشهر محرم الحرام و صفر 1439 هـ
  46. صحیفة صوت الکاظمین 219-220 أشهر ذي القعدة وذي الحجة 1438هـ . 2017م
  47. مجلة الکوثر - العدد السادس والثلاثون والسابع وثلاثون 36 - 37 - شهر رجب 1438هـ -2017م
  48. صحیفة صوت الکاظمین 216-218 أشهر رجب - شعبان - رمضان 1438هـ . نيسان / ايّار / حزيران 2017م
  49. مجلة الكوثر - العدد العاشر - محرم الحرام - سنة 1420 هـ
  50. مجلة الكوثر - العدد التاسع - رجب - سنة 1419 هـ
  51. مجلة الكوثر - العدد الثامن - محرم الحرام - سنة 1419 هـ
  52. مجلة الكوثر - العدد السابع - 20 جمادي الثاني - سنة 1418 هـ
  53. مجلة الكوثر - العدد السادس - محرم الحرام - سنة 1418 هـ
  54. مجلة الكوثر - العدد الخامس - 20 جمادي الثاني - سنة 1417 هـ
  55. مجلة الكوثر - العدد الرابع - محرم الحرام - سنة 1417 هـ
  56. مجلة الكوثر - العدد الثالث - 20 جمادي الثاني - سنة 1416 هـ
  57. مجلة الكوثر - العدد الثاني - محرم الحرام - سنة 1416 هـ
  58. مجلة الكوثر - العدد الاول - 20 جمادي الثاني يوم ولادة سيدة فاطمة الزهراء - سنة 1415 هـ
  59. مجلة عشاق اهل بیت 7
  60. مجلة عشاق اهل بیت 6
  61. مجلة عشاق اهل بیت 5
  62. مجلة عشاق اهل بیت 4
  63. مجلة عشاق اهل بیت 3
  64. مجلة عشاق اهل بیت 2
  65. مجلة عشاق اهل بیت 1
  66. صحیفة صوت الکاظمین 215-212 شهور ربیعین وجمادیین 1438هـ . دیسمبر / مارس2017م
  67. صحیفة صوت الکاظمین 210 -211 شهر محرم وصفر 1438هـ . أکتوبر/ نوفمبر 2016م
  68. صحیفة صوت الکاظمین 208 -209 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1437هـ .أغسطس/سبتمبر 2016م
  69. مجلہ عشاق اہل بیت 14و 15 ۔ ربیع الثانی 1437 ھ
  70. مجلہ عشاق اہل بیت 12و 13 ۔ ربیع الثانی 1436 ھ
  71. صحیفة صوت الکاظمین 206 -207 شهر رمضان وشوال 1437هـ .نیسان/أیار2016م
  72. مجلة الکوثر الرابع والثلاثون والخامس وثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م
  73. صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ .نیسان/ أیار 2016م
  74. صحیفة صوت الکاظمین 203-202 شهر جمادي الاول والثاني 1437هـ .فبرایر/مارس 2016م
  75. مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م
  76. صحیفة صوت الکاظمین 201-200 شهر ربیع الاول والثاني 1437هـ .دیسمبر/کانون الاول 2015م
  77. صحیفة صوت الکاظمین 198-199 شهر محرم الحرام وصفر 1436هـ .اکتبر/نوفمبر 2015م
  78. صحیفة صوت الکاظمین 196-197 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1436هـ . اغسطس/سبتمبر 2015م
  79. صحیفة صوت الکاظمین 194-195 شهر رمضان وشوال 1436هـ . حزیران/تموز 2015م
  80. صحیفة صوت الکاظمین 193 شهر شعبان 1436هـ . مایو/آیار 2015م
  81. صحیفة صوت الکاظمین 192 شهر رجب المرجب 1436هـ . ابریل /نیسان 2015م
  82. مجلة الکوثر الثاني والثلاثون - شهر رجب المرجب 1436هـ -2015م
  83. مجلة الکوثر الواحد والثلاثون - شهر محرم الحرام 1436هـ -2014م
  84. صحیفة صوت الکاظمین 190 -191 شهر جمادي الاول والثاني 1436هـ. فبرایر/شباط 2015مـ.
  85. صحیفة صوت الکاظمین 189 شهر ربیع الثاني 1436هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
  86. صحیفة صوت الکاظمین 188 شهر ربیع الاول 1436هـ. کانون الاول/ کانون الثاني 2014مـ.
  87. صحیفة صوت الکاظمین 187 شهر صفر المظفر 1436هـ. دیسمبر/ کانون الاول 2014مـ.
  88. صحیفة صوت الکاظمین 186 شهر محرم الحرام 1436هـ. اکتوبر/ تشرین الاول 2014مـ.
  89. صحیفة صوت الکاظمین 185 شهر ذي الحجة 1435هـ. سبتمبر/ أیلول 2014مـ.
  90. صحیفة صوت الکاظمین 184 شهر ذي القعدة 1435هـ. اغسطس/ اب 2014مـ.
  91. صحیفة صوت الکاظمین 183 شهر شوال المکرم 1435هـ. یولیو/تموز 2014مـ.
  92. صحیفة صوت الکاظمین 182 شهر رمضان 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
  93. مجلة الکوثر الثلاثون - شهر رجب المرجب 1435هـ -2014م
  94. صحیفة صوت الکاظمین 181 شهر شعبان المعظم 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
  95. صحیفة صوت الکاظمین 180 شهر رجب المرجب 1435هـ. مایو/أیار 2014مـ.
  96. صحیفة صوت الکاظمین 179 شهر جمادي الثاني 1435هـ. ابریل/نیسان 2014مـ.
  97. صحیفة صوت الکاظمین 178 شهر جمادي الأول 1435هـ. مارس/آذار 2014مـ.
  98. صحیفة صوت الکاظمین 177 شهر ربیع الثاني 1435هـ.فبرایر/شباط2014مـ.
  99. صحیفة صوت الکاظمین 176 شهر ربیع الأول 1435هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
  100. صحیفة صوت الکاظمین 175 شهرصفر 1435هـ. دیسمبر/کانون2013مـ.
  101. مجلة عشاق اهل بیت 11
  102. مجلة الکوثر التاسع والعشرون -شهر محرم الحرام 1435ه -2013م
  103. صحیفة صوت الکاظمین 174 شهر محرم الحرام1435
  104. صحیفة صوت الکاظمین 173 شهر ذي الحجة 1434
  105. صحیفة صوت الکاظمین 172 شهر ذي القعده
  106. مجلة عشاق اهل بیت شماره 10شوال 1434هـ
  107. صحیفة صوت الکاظمین 171 شهر شوال
  108. مجلة عشاق اهل بیت 8 - شوال 1333هـ
  109. مجلة عشاق اهل بیت 9 - ربیع الثانی 1334
  110. مجله الکوثر 28-رجب المرجب1434 هـ 2012 م
  111. مجله الکوثر 27-محرم الحرام1434 هـ 2012 م
  112. صوت الكاظمین-العدد 170-رمضان 1434 هـ -یولیو/تموز2013 م .
  113. مجلة صوت الکاظمین العدد166
  114. صوت الكاظمین-العدد 169-شعبان المعظم 1434 هـ - یونیو 2012 م .
  115. صوت الكاظمین-العدد 168-رجب المرجب 1434 هـ - مایو 2012 م .
  116. صوت الكاظمین-العدد 167 -جمادی الثانی 1434 هـ - أبریل 2013 م .
  117. صوت الكاظمین-العدد 165-ربیع الثانی 1434 هـ - فیرایر 2012 م .
  118. صوت الكاظمین-العدد 164-ربيع الاول 1434 هـ - يناير 2013 م .
  119. صوت الكاظمین-العدد 149-ذی الحجة 1432هـ - أکتوبر 2011 م .
  120. صوت الكاظمین-العدد 150-محرم الحرام 1433 هـ - نوفمبر 2011 م .
  121. صوت الكاظمین-العدد 151-صفر المظفر 1433 هـ - ینایر 2012 م .
  122. صوت الكاظمین-العدد 152-ربع الأول الخیر 1433 هـ - فبرایر 2012 م .
  123. صوت الكاظمین-العدد 153-ربیع الثانی1433 هـ - مارس 2012 م .
  124. صوت الكاظمین-العدد 154-جمادی الأولی 1433هـ - مایو 2012 م .
  125. صوت الكاظمین-العدد 155-جمادی الثانی 1433 هـ - یونیو 2012 م .
  126. صوت الكاظمین-العدد 157-شعبان المعظم 1433 هـ - اغسطس 2012 م .
  127. صوت الكاظمین-العدد 156-رجب المجرب 1433 هـ - یولیو 2012 م .
  128. صوت الكاظمین-العدد 158-رمضان الکریم 1433هـ - اغسطس 2012 م .
  129. صوت الكاظمین-العدد 159-شوال 1433هـ - سبتمبر 2012 م .
  130. صوت الكاظمین-العدد 160-ذی القعدیة 1433 هـ - سبتمبر 2012 م .
  131. صوت الكاظمین-العدد 161-ذی الحجة 1433 هـ - آکتوبر 2012 م .
  132. صوت الكاظمین-العدد 162-محرم الحرام 1434 هـ - نوفمبر 2012 م .
  133. صوت الكاظمین-العدد 164-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
  134. صوت الكاظمین-العدد 163-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
  135. مجله الکوثر 26-العدد السادس والعشرون رجب المرجب 1433هـ 2012م
  136. مجلة الکوثر 25

الیسیر من سیرة والدة الأمیر _رحیم امید

مقدمة:
تكلمنا في القسم الأول من ه‍ذه المقالة عن سیرة فاطمة بنت أسد (علیها السلام)، وعن شخصیّتها وإیمانها بالنبي الأكرم (صلی الله علیه وآله وسلم)، واهتمامها واعتنائها به (صلوات الله علیه وآله) وبابنته الصدیقة الطاهرة فاطمة الزهراء (علیها السلام)، وعن زواجها المبارك من سید البطحاء، وانتهینا إلی ثمرة ذلك الزواج المیمون والمبارك بما رزقهم الله تعالی من ذریة صالحة لا سیما سیدنا ومولانا أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب×.
الذرية الصالحة
رُزقت فاطمة بنت أسد ذرية نجيبة صالحة لا سيما أفضلهم وأفضل الخلق بعد رسول الله| بل هو نفس رسول الله|، أمير المؤمنين وسيد الوصيين وليد الكعبة الشريفة علي بن أبي طالب×، وكان أكبر أولاد هذه المرأة الصالحة طالب، ومن بعده عقيل وجعفر ورابعهم أمير المؤمنين× وبنت واحدة ذكرها التاريخ وصرّح بشجاعتها وتقواها والتي عرفت بأمّ هانئ، وقيل لها بنت أخرى تدعى فاخته.
وسوف نتكلم عن هذه العائلة الكریمة والذرية الصالحة باختصار.
طالب بن أبي طالب
هذه نبذة مختصرة عن طالب بن أبي طالب الأخ الأكبر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب× (1)، الذي لم يذكر التاريخ عنه الاّ النزر اليسير، طالب بن أبي طالب الذي يقول في رسول الله| هذه الأبيات من الشعر:
وقد حلّ مجد بني هاشم                      
       فكان النعامة والزهرة
ومحض بني هاشم أحمد                   
           رسول المليك على فترة
عظيم المكارم نور البلاد     
                       حري الفؤاد صدى الزبرة
كريم المشاهد سمح البنان                
        إذا ضنّ ذو الجود والقدرة(2)
عفيف تقي نقي الردا                  
              طهر السراويل والازرة
جواد رفيع على المعتقين             
                وزين الأقارب والأسرة
واشوس كالليث لم ينهه                 
          لدى الحرب زجرة ذي الزجرة
وكم من صريع له قد ثوى      
                 طويل التأوه والزفرة
ولما نفر أهل مكة إلى بدر تخلف عنهم بنو هاشم، فأكرهوهم على الخروج، وبذلك قال رسول الله| للمسلمين يوم بدر: من قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه، فإنهم إنما خرجوا كرها.
ففي ذلك يقول طالب بن أبي طالب(3)هذه الأبيات:
يا رب أما خرجوا بطالب                     
                 في مقنب عن هذه المقاتب
فاجعلهم المغلوب غير الغالب                             
وارددهم المسلوب غير سالب(4)
قوله: المقنب: زهاء ثلاثمائة فارس(5).
عقيل بن أبي طالب
وُلِدَ عقيل ـ وهو الابن الثاني لفاطمة بنت أسد ـ في حدود 40 عاماً قبل هجرة النبيّ|، وكان يحظى بمحبّة خاصة من قِبل النبيّ|، فقد روي أنّ أمير المؤمنين× قال لرسول الله|: يا رسول الله، إنّك لَتُحبُّ عقيلاً؟ قال: إي والله، إنّي لأحبّه حُبَّين: حبّاً له وحباً لحبّ أبي طالب، وإنّ وَلَده لَمقتولٌ في محبّة وَلَدِك، فتدمع عليه عيونُ المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون. ثمّ بكى رسول الله| حتّى جَرَتْ دموعُه على صدره، ثمّ قال: إلى الله أشكو ما تلقى عِترتي مِن بعدي (6).
أما ما نقل عن أبي طالب من أنّه فرّق أولاده على إخوانه لعدم قدرته على إعالتهم فلا نراه مناسباً ويؤكده  ما جاء به النعمان المغربي حيث قال: (... وأسلم علياً إلى رسول الله، وجعفرا إلى العباس ليربياهما كما كانت أشراف العرب تفعل ذلك بأبنائها، وتمسّك بعقيل، وقال: إذا بقي لي عقيل فلا أبالي، وكان ذلك من صنع الله (عزّ وجل) لعلي×، فإن كان عند رسول الله فمنّ الله عليه بالسبق إلى الإسلام. وكان رسول الله| يقول لعقيل: اني لأحبك يا عقيل حبّين، حب لك وحب لحب أبي طالب إياك(7).
ولم يكن عقيل من الذين تَغرَّهم الدنيا فيتنكّروا للحقّ الذي عرفوه واتّبعوه، وقد ذكر لنا التاريخ أنّ معاوية أرسل إليه عدّة صِلات وهدايا مالية، لكنّه دوّن ـ وبأحرفٍ من نور ـ صلابة إيمان عقيل وجهره بالحقّ أمام معاوية الظالم رغم عَوَزه وشدة حاجته.
ومن مواقفه المحمودة: رسالته التي أرسلها لأخيه أمير المؤمنين× بعد غارة الضحّاك بن قيس على الحيرة في جيشٍ أمّره عليه معاوية، فقد روى ابن أبي الحديد أنّه قال في رسالته تلك: «.. وقد تَوَهّمتُ ـ حيث بَلَغني ذلك (يُشير إلى غارة الضحّاك وعودته سالماً لم يتعرّض له أحد بسوء) أنّ شيعتَك وأنصارك خَذلوك، فاكتُبْ إليّ يا بن أمّي برأيك، فإن كنتَ الموتَ تريد، تحمّلتُ إليك ببني أخيك وولد أبيك، فَعِشنا معاً ما عِشتَ، ومِتنا معاً إذا مِتَّ، فواللهِ ما أُحبّ أن أبقى في الدنيا بعدكَ فُوَاقاً (أي مقدار ما بين الحلبتين للناقة). وأقسم بالأعزّ الأجَلّ، إنّ عيشاً نَعيشُه بعدك في الحياة لَغيرُ هنيء ولا مريء ولا نجيع، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته«(8).
وخلّد التاريخ لعقيل موقفه من معاوية، فقد أمر له بمائة ألف، ثمّ قال له يوماً بعد شهادة أمير المؤمنين× وصُلح الإمام الحسن× مع معاوية: يا أبا يزيد، أخبِرني عن عسكري وعسكر أخيك، فقد وَردتَ عليهما!
قال: أُخبرك، مَرَرتُ ـ واللهِ ـ بعسكرِ أخي، فإذا ليلٌ كلَيْلِ رسول الله|، ونهارٌ كنهارِ رسول الله|، إلاّ أنّ رسول الله| ليس في القَوم: ما رأيتُ إلاّ مُصلّياً، ولا سمِعتُ إلاّ قارئاً. ومررتُ بعسكركَ، فاستقبلني قومٌ من المنافقين ممّن نَفَرَ برسول الله ليلةَ العَقَبة (9) ـ الحديث، وفيه أنّه فضح معاوية وفضح قادته وذكر لهم من سوء أنسابهم ما أزرى بهم.
جعفر بن أبي طالب
وُلد جعفر قبل هجرة النبيّ| بثلاث سنوات، وكَفَله عمُّه العبّاس في ضائقة حلّت بأبي طالب. ورَأسَ جعفرٌ وفد المهاجرين الذين هاجروا إلى الحبشة فراراً من ظُلم قريش وأذاها، وكان له مع ملكها النجاشيّ موقف مشهور، فلمّا عادوا بعد 15 عاماً إلى المدينة (في السنة السابعة من الهجرة)، استقبلهم النبيّ|، فاعتنق جعفراً وقبّل جبينه، وقال ودموعه تتقاطر من شدّة سروره:
» واللهِ لا أدري بأيِّهما أنا أشدّ سروراً: بِقُدومِكَ يا جعفر، أم بفتحِ الله على أخيك خيبر «؟! (10).
ثمّ إنّه| أهدى إليه هدية معنوية نفيسة، إذ علّمه الصلاة المعروفة بـ « صلاة جعفر » أو « صلاة التسبيح ». ومن مفاخر جعفر أنّه ثالثُ مَن أسلم وآمن بالنبيّ| واتّبع دعوته (11).
أمّا شجاعته وتضحيته في سبيل إعلاء كلمة « لا إله إلاّ الله » فقد تجلّت في أروع صورها في غزوة « مُؤتة » التي دارت بين جيش المسلمين وبين الروم، فقد روي أنّه أخذ اللواء فقاتل قتالاً شديداً، فقُطِعتْ يمينُه، فأخذ اللواء بيساره فقُطعتْ يساره، فاحتضنه وقاتل حتّى  استشهد. وقد وُجد فيه بضعة وسبعون جرحاً ما بين ضربةٍ بسيف وطعنةٍ برُمح، ليس فيها شيء مِن ظَهرِه، أي أنّه لم يُدبر فارّاً لحظةً واحدة، بل كلّها في حال الإقبال لفرط شجاعته. وكان قد نزل عن فَرَس له شقراء فعَقَرها ثمّ قاتل حتّى قُتل، وفي هذا دليل على عظيم شجاعته (12).
وأمّا خَلْقه وخُلُقه فكانا في الذروة من الكمال والهيبة ما قلّ نظيره، حيث روي أنّ رسول الله| قال له: « أشبَهت خَلقي وخُلُقي » (13).
وقد أثاب الله تعالى جعفر بن أبي طالب على تضحيته، فعوّضه عن يديه اللتين قُطعتا دفاعاً عن دين الله بجناحَين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة.
روي عن رسول الله| أنّه قال: رأيتُ جعفرَ بن أبي طالب مَلَكاً يطير مع الملائكة بجناحَين (14)، وروي أنّه| قال: نحن ـ بني عبدالمطّلب ـ سادة أهل الجنّة: أنا وعليّ وجعفر وحمزة والحسن والحسين والمهديّ (15).
4- عليّ بن أبي طالب× آخر أولاد فاطمة بنت أسد وأفضلهم بل أفضل الخلق بعد رسول الله|، جَمَع الفضائل والكمالات، ونال درجةً من الإيمان لا تعلوها إلاّ درجة أخيه رسول الله|. سبق إلى الإسلام وهو صغير السنّ، صلّت عليه وعلى أخيه النبيّ| ملائكةُ سبع سماوات، لأنّه لم يكن هناك مسلم مصلّ سواهما، وسَبَق إلى الجهاد والفداء، ففدى النبيَّ| بنفسه وباتَ على فراشه يقيه خطرَ الاغتيال، حتّى باهى الله تعالى به ملائكته، وكان السابقَ دوماً إلى كلّ فضيلة، حتّى نزل في شأنه ـ باعتراف جميع المسلمين ـ ما لم ينزل في غيره من الآيات الكريمة (16).
قال رسول الله|: لو أنّ الرياضَ أقلام، والبحرَ مِداد (أي: حبر)، والجِنّ حُسّاب، والإنس كُتّاب، ما أحصَوا فضائلَ عليّ بن أبي طالب (17).
وقال|: النظرُ إلى وجهِ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بن أبي طالب× عِبادة، وذِكره عبادة؛ لا يَقبَلُ اللهُ إيمانَ عبدٍ إلاّ بولايته والبراءةِ من أعدائه (18). وقال|: أُوصي مَن آمن بي وصَدَّقني بولايةِ عليّ بن أبي طالب×، مَن تَوَلاّه فقد تَوَلاّني، ومَن تَوَلاّني فقد تولّى الله عزّوجلّ (19).
والكلام عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× لا ينتهي ولا يمكن احصاء فضائله وبيان مقامه لأنه لايعرفه إلاّ الله ورسوله، ولا يعرف رسول الله| إلاّ الله وعلي بن أبي طالب. فمن أراد التعرف علی فضائل سید الوصیین وأمیر المؤمنین فلیراجع كتب الفضائل والمناقب وما أكثرها في حق من هو نفس رسول الله ووصیه من بعده، وفي حق ذریته الطیببة الطاهرة علیهم أفضل الصلاة والسلام أجمعین.
5 ـ أم هانئ
امرأة جليلة تألّقت في إيمانها وقدرها حتّى استحقّت أن يكون معراج النبيّ| من بيتها (20). قد أشرنا إلى مالها من المنزلة الرفيعة والمكانة الكبيرة لدى رسول الله|، حتّى أنّها قَدِمتْ عليه وأخبرته أنّ جماعة استجاروا بها، فقال|: قد أجَرتُ من أجَرتِ (21).
وروي أنّه| قال يوماً مُشِيداً بفضلِ الحسنَين عليهما السّلام: ألا أُخبركم أيّها الناس بخيرِ الناس عمّاً وعمّة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الحسن والحسين عليهما السّلام؛ عمُّهما جعفر بن أبي طالب، وعمّتهما أم هانئ بنت أبي طالب ـ الحديث (22).
ومن مفاخر أم هانئ أنّها كانت من رواة الحديث عن النبيّ|، ومن الروايات التي روتها عنه| أنّه قال:
يأتي على الناس زمانٌ، إذا سمعت باسم رجلٍ خيرٌ من أن تَلقاه، فإذا لَقِيتَهُ خيرٌ من أن تُجرّبه، ولو جَرّبتَه أظهَر لكَ أحوالاً؛ دِينهم دراهمهم، وهمّتهم بُطونهم، وقِبلتهم نساؤهم، يركعون للرغيف ويسجدون للدرهم، حَيارى سُكارى لا مسلمين ولا نصارى (23).
ولادة النور
شاء الله عزّوجلّ أن يُكرم هذه المرأة الوفيّة المضحية بما لم يُكرم به امرأة من نساء العالَمين، وهو عزّوجلّ يختصّ برحمته مَن يشاء مِن عباده، فقدّرَتْ إرادة المُهيمن الأوحد لفاطمة بنت أسد أن تَضعَ حَملَها المقدّس في مكّة المكرّمة أشرف بقاع الأرض يوم ذاك، وفي المسجد الحرام أشرف بقاع مكّة، وفي بيته الحرام: الكعبة أشرف بقاع المسجد، لم يسبقها في هذا الشرف سابق، ولم يُعقِبها فيه مخلوق.
يقول يزيد بن قُعنب: كنتُ جالساً مع العبّاس بن عبدالمطّلب وفريق من عبد العُزّى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبَلَتْ فاطمة بنت أسد أُم أمير المؤمنين×، وكانت حاملةً به لتسعة أشهُر، وقد أخذها الطَّلْق، فقالت: ربِّ إنّي مؤمنةٌ بكَ وبما جاء من عندكَ من رُسُل وكُتُب، وإنّي مصدّقةٌ بكلام جدّي إبراهيم الخليل×، وأنّه بَنَى البيتَ العتيق، فبحقِّ الذي بنى هذا البيت، وبحقِّ المولودِ الذي في بطني، لَما يَسَّرْتَ علَيَّ ولادتي.
قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودَخَلت فاطمةُ فيه وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط، فرُمنا أن ينفتح، فعلمنا أنّ ذلك أمرٌ مِن (أمر) الله عزّوجلّ، ثمّ خَرَجتْ بعد اليوم الرابع وبيدها أميرُ المؤمنين×، ثمّ قالت: إنّي فُضِّلتُ على مَن تقدّمني من النساء، لأنّ آسية بنت مُزاحم عَبَدت اللهَ عزّوجلّ سِرّاً في موضعٍ لا يُحبّ أن يُعبَد الله فيه إلاّ اضطراراً [ أي: بيت فرعون ]، وإنّ مَريمَ بنت عمران هَزّتِ النخلة اليابسة بيدها حتّى أكَلتْ منها رُطباً جَنِيّاً، وإنّي دخلتُ بيتَ الله الحرام، وأكلتُ من ثِمار الجنّة وأرزاقها، فلمّا أردتُ أن أخرج هَتَف بي هاتفٌ:
يا فاطمة، سَمِّيه عليّاً، فهو عليّ، واللهُ العليّ الأعلى يقول: إنّي شَقَقْتُ اسمَه من اسمي، وأدَّبْتُه بأدبي، ووَقَفْتُهُ على غامض عِلمي، وهو الذي يكسر الأصنامَ في بيَتي، وهو الذي يُؤذّن فوق ظهرِ بيتي ويُقدّسني ويُمجّدني، فطُوبى لِمن أطاعه، ووَيلٌ لمن أبغَضَه وعصاه (24).
وقد ذكر المؤرّخون المسلمون مسألة ولادة أمير المؤمنين× في الكعبة، وأوردوا في صددها طائفة من الأحاديث المستفيضة والمعتبرة، وقد أحصى الشيخ محمد علي الأُردوبادي في كتابه « عليٌّ مولود الكعبة » ما يزيد على مئة مصدر من المصادر التي ذكرت هذه الفضيلة.
والتأمّل في مناجاة فاطمة بنت أسد ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار الأجواء السائدة في مكّة يومذاك ـ يُدلّل على سمّو مقام هذه المرأة الكريمة، فقد كان العرب في ذلك العصر يعبدون القمر والنجوم، بل كان بعضهم ـ كقبيلة بني مليح ـ يعبدون الجنّ، والبعض الآخر ـ كقبيلة حِمْيَر ـ يعبدون الشمس، ومنهم ـ كقبيلة كِنانة ـ من يعبد القَمَر.. وكان أغلب الناس يعبد الأصنام ويُقرّبون إليها القرابين رجاءَ نيل رِضاها، وكانوا إذا قرّبوا إلى الأصنام قُرباناً لَطّخوا رؤوسهم ووجوههم بدمائه، وكانوا إذا أرادوا فِعل أمرٍ مهمٍّ يقترعون بأخشاب كُتب على بعضها « افعَلْ » وكتب على البعض الآخر « لا تَفعَلْ ». والأفجع من هذا كلّه أنّ كلّ قبيلة كانت تختار رجلاً منها كلّ عام، فتجعله قرباناً للآلهة، وتدفن جثمانه المدمّى قُرب مذبح القرابين!
هجرة الفواطم إلى المدينة
إنّ رسول الله| -بُعَيد هجرته إلى المدينة- كتب كتاباً إلى الإمام عليّ× ـ بيد أبي واقِد اللَّيثي ـ يأمره فيه بالمسير إليه، فخرج عليّ× بفاطمةَ عليها السّلام بنتِ رسول الله|، وأمِّه فاطمةَ بنت أسد، وفاطمةَ بنتِ الزبير بن عبدالمطّلب، وتَبعَهُم أيمَنُ مولى رسول الله صلّى الله وأبو واقد اللَّيثي، فجعل أبو واقد يسوق بالرَّواحل فأعنَفَ بهم، فقال علي×: ارفُقْ بالنسوة أبا واقد، إنّهن من الضعائف. قال: إنّي أخاف أن يُدرِكَنا الطَّلَب، فقال عليّ×: أربِعْ عليك، فإنّ رسول الله| قال لي: يا عليّ! إنّهم لن يصلوا من الآن إليك بأمرٍ تكرهه. ثمّ جعل الإمام عليّ× يَسوق بهنّ سَوقاً رفيقاً وهو يرتجز ويقول:
ليس إلاّ الله فارْفَعْ ظَنَّكا
يَكفيكَ ربُّ الناسِ ما
وسار، فلمّا شارف « ضَجْنان » أدركه الطَّلَب: سبعُ فوارس من قريش مُستلئمين بسلاحهم، وثامنهم مولى الحارث بن أميّة يُدعى جَناحاً، فأقبل عليّ× على أيمن وأبي واقد ـ وقد تراءى القوم ـ فقال لهما: أنِيخا الإبل واعقِلاها! وتقدّم حتّى أنزل النسوة؛ ودنا القوم فاستقبلهم الإمام عليّ× منتفياً سيفه، فأقبلوا عليه فقالوا: ظَنَنتَ أنّك يا غدّار ناجٍ بالنسوة، ارجع لا أباً لك! قال: فإن لَم أفعل؟ قالوا: لَترجِعَنّ راغماً، أو لَنَرجِعنّ بأكثرك شَعراً (أي رأسك) وأهوِنْ بكَ مِن هالِك!
ودنا الفوارس من النسوة والمطايا ليثوّروها، فحال عليّ× بينهم وبينها، فأهوى له جناح بسيفه، فراغ عليّ× عن ضربته، وتَخَتّله عليّ× فضربه على عاتِقه، فأسرع السيفُ مُضيّاً فيه حتّى مَسّ كابثة فَرَسِه، فكان عليّ× يشدّ على قدمه شدّ الفَرَس، أو الفارس على فرسه، فشدّ عليهم بسيفه وهو يقول:
خَلُّوا سَبيلَ الجاهدِ المُجاهدْ
آلَيْتُ لا أعبدُ إلاّ الواحدْ
فتصدّع القوم عنه، فقالوا له: أغنِ عنّا نفسَك يا ابن أبي طالب، قال: فإنّي مُنطلقٌ إلى ابن عمّي بيثرب، فمَن سَرَّه أن أفري لحمه وأهريق دمَه، فليتبعني ـ أو: فلْيَدْنُ منّي. ثمّ أقبل على صاحبَيه أيمن وأبي واقد فقال لهما: أطلِقا مطاياكما!
ثمّ سار ظاهراً قاهراً حتّى نزل « ضَجْنان »، فتلوّم (أي مكث  بها قَدْر يومه وليلته)، ولَحِق به نفرٌ من المستضعفين من المؤمنين، وفيهم أمّ أيمن مولاة رسول الله|، فصلّى ليلته تلك هو والفواطم: أمّه فاطمة بنت أسد رضي الله عنها، وفاطمة عليها السّلام بنت رسول الله|، وفاطمة بنت الزبير، يُصلّون لله ليلتهم، ويذكرونه قِياماً وقُعوداً وعلى جُنوبهم، فلم يزالوا كذلك حتّى طلع الفجر، فصلّى بهم عليّ× صلاة الفجر، ثمّ سار لوجهه، فجعل وهم يصنعون ذلك مَنزِلاً بعد المدينة.
وقد نزل الوحيُ بما كان من شأنهم قبل هجرتهم هذه بقوله تعالى:  الَّذِينَ يَذْكُرونَ اللهَ قِياماً وقُعُوداً وعلى جُنوبِهم ويَتفكّرونَ في خَلْقِ السماواتِ والأرضِ ربَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً إلى قوله تعالی:
 فَاسْتَجَابَ لَهُم رَبُّهُم أنّي لا أُضيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنكم مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى : الذَّكَر: عليّ×، والأُنثى فاطمة عليها السّلام، بعَضُكم مِن بعض يقول: عليّ من فاطمة ـ أو قال الفواطم ـ وهنّ من عليّ (25).
وذكروا أنّ مدّة سفرهم هذا دامت 15 يوماً (26).
وقصّ علينا ابن الأثير في تاريخه كيفيّة قدوم أمير المؤمنين× المدينة فقال:
وأمّا علي، فإنّه لمّا فرغ من الذي أمَرَه به رسول الله| (من ردّ الودائع) هاجر إلى المدينة، وكان يسير الليل ويكمن النهار حتّى قدم المدينة وقد تفطّرت قدماه، فقال النبيّ|: ادعوا لي عليّاً، قيل: لا يَقدِر أن يمشي. فأتاه النبيّ| واعتنقه وبكى رحمةً لما بقدمَيه من الورم، وتَفَل في يدَيه وأمَرَّهما على قدمَيه فلم يَشتَكِهما بعدُ حتّى قُتِل (27).
ونالت فاطمةُ بنت أسد في هجرتها مزيداً من السؤدد والفَخار، فقد مدحها الله تعالى في كتابه الكريم وذُكرت في المؤمنين الذاكرين الذين استجاب لهم ربّهم وأثابهم على أعمالهم، وتلك صفحة وهّاجة مُشرقة تضاف إلى كتاب مناقب فاطمة بنت أسد.
مقام فاطمة بنت أسد من روایات أهل البیت^
بلغت مناقب فاطمة بنت أسد حداً تعذّر معه جمعُها في صفحاتِ كتاب، الاّ أنّ التاريخ لم ينقل لنا منها إلاّ النزر اليسير، ربّما لأنّ التاريخ دُوّن ـ في الأغلب ـ من قبل أعوان الحكّام الذين كانوا يجهدون ـ ما استطاعوا ـ في طمس مناقب ابنها أمير المؤمنين×، فكان من الطبيعي أن تتعرّض هذه المرأة الجليلة إلى تجاهل المؤرّخين، إلاّ ماندر. وكان من المتوقّع أن تتعرّض لإجحاف التاريخ، شأنها في ذلك شأن زوجها كافل رسول الله| وحاميه وناصره.
وهذه بعض مناقب فاطمة بنت أسد التي سجلها التاريخ من كلام سيد الخلق وأهل بيته المعصومين عليهم افضل الصلاة أجميعن.
النار محرّمة على فاطمة بنت أسد
من الأماني التي تراود ذهن المُسلم ومن الأدعية التي قلّما يغفل عنها مسلم هي أدعية الخلاص من النار وطلب الداعي فكاك ربقبته من النار، وأن يأمَن نارَ جهنّم التي سعّها الجبار، ولمّا كان أنبياءُ الله تعالى وأولياؤه هم ـ دون غيرهم ـ الذين يأمنون شرّ هذه النار المستعرة المتأجّجة، فلا غرو أنّ على المسلم أن يستعيذ من عذابها بالله عزّوجلّ ونبيّه وأئمّته الأطهار عليهم السّلام، الذين جعلهم الله أبواب أمانٍ للأمة وسُبُلاً لبُلوغ رحمته والفوز بجِنانه.
ومن الذين آمنهم الله تعالى من نار جهنّم: فاطمة بنت أسد، فقد روي عن الإمام الصادق× أنّ الله تعالى أوحى إلى نبيّه|: إنّي حرّمتُ النارَ على صلبٍ أنزَلَك، وبَطنٍ حَمَلَك، وحِجرٍ كَفَلَك، وأهلِ بيتٍ آوَوك، فعبدُ الله بنُ عبدالمطّلب: الصُّلب الذي أخرجه، والبطن الذي حمله آمنة بنت وهب، والحِجر الذي كفله فاطمة بنت أسد، وأمّا أهل البيت الذين آوَوه فأبو طالب (28).
ولقد رَعَت فاطمة بنت أسد رسول الله| في صِغره، ورَبَّته، وحَنَت عليه حُنوَّ الأم الشفيق على ولدها، فجزاها الله تعالى عن حُسن صنيعها في نبيّه الكريم بأنْ حرّم عليها النار.
شفاعة فاطمة بنت أسد
جاء في الرواية أنّ الإمام الصادق× علّم أحد أصحابه التوسّلَ بفاطمة بنت أسد لقضاء حاجةٍ له، فروى داود الرّقّي قال: دخلتُ على أبي عبدالله (الصادق)×، ولي على رَجُلٍ دَين وقد خِفتُ تواه (أي ضياعه)، فشكوتُ ذلك إليه، فقال: إذا مررتَ بمكّة فطُف عن عبدالمطّلب طوافاً وصَلِّ عنه ركعتَين، وطُف عن أبي طالب طوافاً وصَلِّ عنه ركعتَين، وطُف عن عبدالله طوافاً وصَلّ عنه ركعتَين، وطُف عن آمنة طوافاً وصلّ عنها ركعتَين، وطُف عن فاطمة بنت أسد طوافاً وصلّ عنها ركعتين، ثمّ ادعُ اللهَ عزّوجلّ أن يردّ عليك مالَكَ. قال: ففعلتُ ذلك، ثمّ خرجتُ من باب الصَّفا، فإذا غريمي واقف يقول: يا داود حَبَسْتَني! تعالَ فاقْضِ حقَّكَ (29).
لقد نالت هذه السيّدة الجليلة هذا المقامَ الرفيع في الدنيا، وعُدّت في الآخرة في عداد الشفعاء الذين يَشفَعون فيُشفّعهم الله تعالى.
إنّ فاطمة بنت أسد من جملة أولياء الله المقرّبين الذين شفّعهم في قوله عزّ من قائل: ولا تَنفَعُ الشفاعةُ عِنَدهُ إلاّ لِمَن أَذِنَ له (30)، وقوله تعالى:  مَن ذا الّذي يَشْفَعُ عِندَهُ إلاّ بإذنهِ (31)، وستشفع فاطمة بنت أسد ويشفع الأئمّة من ذريّتها لمحبّيهم ومتّبعي نهجهم، من الذين ارتضاهم الله تعالى. قال سبحانه: ولا يَشفَعونَ إلاّ لِمَنِ ارتضى (32).
وقد جاء في زيارتها  عبارة «... ولا تَحرِمني شفاعَتَها وشفاعةَ الأئمّةِ من ذرّيتها... وأدخِلني في شفاعتها... ».
ولم تَنَل بنت أسد مقام الشفاعة السامي الاّ  بمودتها للرسول الأكرم| واهتمامها وايمانها به وبرسالته السماوية، والتنزّه عن عبادة الأصنام، والثبات في توحيد الله عزّوجل، وقد برهنت هذه المرأة أنّ المخلوق الضعيف يمكنه أن يرقى في الكمالات، وأن يصون نفسه أمام سيل الحوادث والبلايا، متمسّكاً بعبادة الواحد الأحد الذي لا شريك له.
فاطمة بنت أسد تروي عن النبي|
ظلّ حفظ الوقائع والأخبار، وحفظ الأحاديث الصادرة عن نبيّ الهُدى| وأئمّة الدين منحصراً ـ فترة صدر الإسلام ـ في صدور الصحابة، وكان هؤلاء الرواة يتناقلون أحاديث النبيّ| ووقائع الإسلام عن طريق التحديث.
 وكان من بين هؤلاء الرواة عدّة نساء حَظَينَ ـ إضافةً إلى إدراك محضر المعصوم× ـ بفخر نقل الحديث عنه. ومن هؤلاء النسوة فاطمة بنت أسد وابنتها المكرّمة أم هانئ.
وقد ذكر بعض المؤرّخين أنّ هذه السيّدة الجليلة (فاطمة بنت أسد) نقلت عن النبيّ| (46) حديثاً. ونورد هنا في هذا البحث إحدى هذه الروايات، نقلاً عن كتاب (الخرائج والجرائح) للقطب الراوندي:
إنّه لمّا ظهرت أمارة وفاة عبدالمطّلب، قال لأولاده: مَن يَكفُل محمّداً؟ قالوا: هو أكيس منّا، فقل له يختار لنفسه، فقال عبدالمطّلب: يا محمّد! جدّك على جناح السفر، أيّ عمومتك وعمّاتك تريد أن يكفلك؟
فنظر في وجوههم، ثمّ زَحَف إلى عند أبي طالب، فقال له عبدالمطّلب: يا أبا طالب، إنّي قد عَرَفتُ ديانتكَ وأمانتك، فكُنْ له كما كنتُ له. قالت: فلمّا توفّي أخذه أبو طالب، وكنتُ أخدمه، وكان يدعوني الأمّ...» (33)
المقام الصالح لفاطمة بنت أسد
أحد المصادر الغنيّة التي ينفرد بهاالشيعة دون غيرهم من فرق المسلمين:
 الأدعية ذات المضامين الرفيعة التوحيدية والأخلاقية، والتربوية، والاجتماعيّة التي وردت عن المعصومين عليهم السّلام.
وقد وردت أدعية كثيرة في الإسلام استهدفت ـ بأساليب مختلفة ـ توثيق ارتباط الإنسان بالله تعالى، ومن هذه الأدعية دعاء الكامل (ويُعرف بدعاء الحريق) ويُقرأ ضمن تعقيبات صلاة الصبح، وفيه:... » اللهمّ صلِّ على محمّد وأهل بيته الطيّبين، وعلى أصحابه المنتجَبين... وعلى كلّ نبيٍّ وَلَد محمّداً، وعلى كلّ امرأة صالحةٍ كَفَلَتْ محمّداً«... (34).
ومن الجليّ أنّ مصداق » المرأة الصالحة » في الدعاء لا يتعدّى امرأتَين اثنتَين:
الأولى آمنة بنت وهب أمّ النبيّ|، فقد كفلته| حدود 6 سنوات.
والثانية فاطمة بنت أسد، التي كفلته بعد وفاة عبد المطّلب، وكان له من العمر ما يقرب من 8 أعوام، فبقي في بيتها حتّى كبر. أما حليمة السعدية فهي امرأة صالحة لاشك ولكنها لم تكفله|، بل أرضعته، فهي مرضعة لا كافلة.
ومقام الصالحين مقام عظيم لا يرقى إليه إلاّ مَن نال مرضاة الله عزّ وجلّ، ويكفي في بيان جلالته أنّ الله تعالى نعتَ به أنبياءه، فقال عن يحيى×:  إنّ اللهَ يُبشِّرُكَ بيَحيى مُصدِّقاً بكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وسَيِّداً وحَصُوراً ونَبيّاً مِنَ الصّالِحين (35).
وقال عن إبراهيم الخليل×... : إنّهُ في الآخرةَ مِنَ الصّالِحين (36).
غبطة النبيّ| لبنت أسد
كمالات خاتم الأنبياء محمّد المصطفى| ممّا لا يُحصيه العادُون، ولا يُحيط به المحيطون، فهو| رحمة للعالمين، وهو الأُسوة الحسنة لجميع البشر الذين فطرهم الخالق على هذه البسيطة، وهو الخاتم لخاصة  أولياء الله المخلَصين، وإكليل فخر الخلائق أجمعين، ولا عَجَب أن باهى سكّانُ الأرض به نظراءهم من سكّان السماوات.
لكنّ النبيّ| يعدّ ـ في حديث له مع أمير المؤمنين× ـ أنّه يفتقد مزايا خصّ اللهُ تعالى بها أخاه أمير المؤمنين×، فقد قال له ـ كما في الحديث الشريف:
يا عليّ! لك أشياء ليس لي مِثلها: إنّ لك زوجة مثل فاطمة وليس لي مثلها، ولك وَلَدان من صُلبك وليس لي مثلهما من صُلبي، ولك مِثل خديجة أمُّ أهلك وليس لي مثلها حَماة، ولك صِهر مثلي وليس لي صهر مثلي، ولك أخ في النَّسَب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب، ولك أمّ مثل فاطمة بنت أسد الهاشميّة المهاجرة وليس لي مثلها (37).
بلى، من المؤكَّد أنّ السيّدة آمنة بنت وهب لو قُدِّر لها الحياة وإدراك بعثة النبيّ|، لكانت من السابقات إلى الإسلام، إلاّ أنّ القضاء جرى بأن تفارق الدنيا والنبيُّ| غضّ يافع، فتولّت كفالته وحضانته امرأة جليلة مثل فاطمة بنت أسد، ليسجّل لها التاريخ مواقفها في صفحات من نور.
ومن الجدير بالتأمّل أنّ رسول الله| أشار إلى خصلتَين من خِصال فاطمة بنت أسد: أنّها هاشميّة، وأنّها مهاجرة. ممّا يدلّنا على أنّ هذه المرأة حازت ـ فوق شرف النَّسَب ـ شرفاً اكتسبته في ظِلّ الإيمان بالله ورسوله واتّباع نهج الحقّ وامتثال أوامر الله سبحانه. وقد حازت بنت أسد قَصَبَ السَّبق في هذا المضمار على كثير من الرجال والنساء، فاستحقّت الفخر في الدارَين.
غروب البدر
أحسّت فاطمة بنت أسد مسيرة حياتها المفعمة بالفداء والتضحية والثبات على المبدأ، وتوجهت صوبَ خالقها الودود الذي أكرمها في حياتها- من نعمة الإيمان، والاعتناء بخير خلقه، والزواج من سيد قريش، وحمل وصي الخاتم، واستضافته عزّ وجل لها في بته الحرام ثلاثاً، و...- يحدو بها شوقٌ لا حدّ له لِلقاء ربِّها الكريم، والوفود على بَعلِها المظلوم. وقد نقل المؤرّخون أن وفاتها كانت في السنة الثالثة ـ أو الرابعة ـ من الهجرة النبويّة، ودُفنت في المدينة المنوّرة، وكان لها عند وفاتها 65 عاماً تقريباً.
وروي عن الإمام الصادق× أنّ فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشّره بمولد النبيّ|، فقال أبو طالب:
 اصبِري سَبْتاً أُبشرّكِ بمثله إلاّ النبوّة. وقال: السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول الله| وأمير المؤمنين× ثلاثون سنة (38).
وروي عن الإمام الصادق× - ضمن حديث - أنّ رسول الله| كان جالساً ذات يوم، إذ أتاه أمير المؤمنين× وهو يبكي، فقال له رسول الله|: ما يُبكيك؟ فقال: ماتت أُمّي فاطمة. فقال رسول الله|: وأمّي والله. وقام مُسرعاً حتّى دخل ونظر إليها وبكى، ثمّ أمر النساء أن يُغسّلنها، وقال|: إذا فَرَغتُنّ فلا تُحدِثْنَ شيئاً حتّى تُعْلِمْنَني. فلمّا فَرَغْنَ أعْلَمْنَه بذلك، فأعطاهنّ أحدَ قميصَيه الذي يلي جَسَدَه، وأمرهنّ أن يُكَفِّنَّها فيه، وقال للمسلمين: إذا رأيتُموني قد فعلتُ شيئاً لم أفعله قبلَ ذلك فسَلوني لِمَ فَعَلتُه. فلمّا فَرَغْنَ من غسلها وكفنها دخل| فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يَزَل تحت جنازتها حتّى أوردها قبرها، ثمّ وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثمّ قام فأخذها على يَدَيه حتّى وَضَعَها في القبر، ثمّ انكبّ عليها طويلاً يُناجيها ويقول لها: ابنكِ ابنكِ. ثمّ خرج وسوّى عليها ] التراب [، ثمّ انكبّ على قبرها، فسمعوه يقول: لا إله إلاّ الله، اللهمّ إنّي أستَودِعُها إيّاك. ثمّ انصرف، فقال له المسلمون: إنّا رأيناك فعلتَ أشياء لم تفعلها قبلَ اليوم، فقال: اليوم فَقَدت بِرّ أبي طالب، إنْ كانت لَيَكون عندها الشيءُ فتُؤثِرني به على نفسها ووُلدها، وإنّي ذكرتُ القيامة وأنّ الناس يُحشَرون عُراةً، فقالتْ: واسَوْأتاه! فضمنتُ لها أن يبعثها اللهُ كاسيةً، وذكرتُ ضغطةَ القبر، فقالت: واضَعفاه! فضمنتُ لها أن يكفيَها اللهُ ذلك، فكفّنتُها بقميصي واضطجعتُ في قبرها لذلك، وانكببتُ عليها فلقَّنْتُها ما تُسأل عنه، فإنّها سُئلتْ عن ربِّها فقالت، وسئلتْ عن رسولها فأجابت، وسئلتْ عن وليِّها وإمامِها فأُرتِج عليها، فقلتُ: ابنكِ، ابنكِ (39).
هكذا غَرَبتْ أمُّ الأئمّة وكفيلة النبيّ|؛ وذُكر في كتاب (علل الشرائع) أنّها دُفنت في»  الرَّوحاء«  مقابل حمّام أبي قطيفة(40) في البقيع، وقد اندثرت هذه الآثار فلم يبقَ من معالمها إلاّ أحجار يسيرة تشير إلى موضع قبرها وقبور الأئمّة الأطهار من بَنيها: الحسن المجتبى، وعليّ بن الحسين زَين العابدين، ومحمّد بن عليّ الباقر، وجعفر بن محمّد الصادق صلوات الله عليهم أجمعين.
ورَحَلتْ فاطمة بنت أسد بعد عمر أنفقته في امتثال أمر خالقها وطاعة سيّدها ونبيّها المصطفى|، فلم يكن عجباً أن يحزن نبيّ الرحمة| لأجلها، ويدعو في حقّها بما دعا، ويلقّنها الولاية لإكمال إيمانها كما فَعَل. ويتصوّر البعض ـ خطأً ـ أن القبر الفعليّ لفاطمة بنت أسد هو القبر الطاهر لفاطمة الزهراء عليها السّلام، مع أنّ الأخبار الصحيحة وردت أنّ أئمّة البقيع الأربعة مدفونون إلى جانب جدّتهم فاطمة بنت أسد (41).
زيارة فاطمة بنت أسد
ومن خصائص السيّدة فاطمة بنت أسد (عليها السلام) أنّه قد وردت في حقّها زيارة خاصّة دون سائر اُمّهات المعصومين ما عدا الصدّيقة الزهراء والسيّدة نرجس(عليهما السلام)، وممّا يدلّ على عظم شأنها وجلالة قدرها هي العبارات الرفيعة والكلمات الجليلة التي وردت في زيارتها وهذه هي الزیارة:
« السّلام على نبيّ الله، السّلامُ على رسولِ الله، السّلام على محمّدٍ سيّدِ المرسَلين، السلامُ على محمّدٍ سيّدِ الأوّلين، السّلامُ على محمّدٍ سيّدِ الآخِرين، السّلام على مَن بَعَثهُ اللهُ رحمةً للعالَمين، السّلامُ عليكَ أيّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاته. السّلامُ على فاطمةَ بنتِ أسدٍ الهاشميّة، السّلامُ عليكِ أيّتها الصدّيقةُ المرَضيّة، السّلامُ عليكِ أيتّها التقيّة النقيّة، السّلامُ عليكِ أيتّها الكريمةُ الرضيّة، السّلام عليكِ يا كافلةَ محمّدٍ خاتَمِ النبيّين، السّلامُ عليكِ يا والدةَ سيّدِ الوصيّين، السّلامُ عليكِ يا مَن ظَهَرتْ شَفَقتُها على رسول اللهِ خاتمِ النبيّين، السّلامُ عليكِ يا مَن تَرْبِيَتُها لِوليّ اللهِ الأمين، السلامُ عليكِ وعلى روحِك وبدنِك الطاهر، السلام عليكِ وعلى وَلَدِكِ ورحمةُ اللهِ وبركاته.
أشهد أنّكِ أحسَنتِ الكفالةَ، وأدّيْتِ الأمانة، واجتَهدتِ في مرضاةِ الله، وبالَغْتِ في حِفْظِ رسولِ الله، عارفةً بحقِّه، مؤمنةً بصِدقِه، مُعترفةً بنُبوّتهِ، مُستبصرةً بنِعمتِه، كافلةً بتربيتِه، مُشفِقةً على نَفْسِه، واقفةً على خِدمتِه، مختارةً رِضاه.
 وأشهدُ أنّكِ مَضَيتِ على الإيمانِ، والتمسّكِ بأشرفِ الأديان، راضيةً مرضيّةً، طاهرةً زكيّة، تقيّةً نقيّة، فرضِيَ اللهُ عنكِ وأرضاكِ، وجَعَلَ الجنّةَ منزلَكِ ومأواكِ.
اللهُمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمد وانفَعْني بزيارتِها، وثبِّتني على محبّتِها، ولا تَحرِمْني شفاعتَها وشفاعةَ الأئمّةِ مِن ذُرّيتها، وارزُقْني مُرافَقتَها، واحشُرْني معها ومع أولادِها الطاهرين.
اللهُمَّ لا تَجعَلْه آخِرَ العهدِ مِن زيارتي إيّاها، وارزُقني العَوّدَ إليها أبداً ما أبقَيْتَني، وإذا توفَّيتَني فاحشُرني في زُمرتِها، وأدخِلني في شفاعتِها، برحمتك يا أرحمَ الراحمين.
اللهمَّ بحقِّها عندك ومنزلتِها لَدَيك، اغفِرْ لي ولوالديَّ ولجميع المؤمنينَ والمؤمنات، وآتِنا في الدنيا حَسَنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا برحمتِكَ عذابَ النار (42).
(الهواش)
1 - شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي: ج 3، ص 235- 237.
2  - 2. قال في العمدة: هو أكبر أولاد أبي طالب وبه يكنى وهو أسن من أخيه علي بثلاثين سنة وان قريشا أكرهته على الخروج معها في بدر. ونقل الكليني رواية عن الصادق× بأنه أسلم. وهو الذي ذكر الأبيات في مدح الرسول| والتي ذكرها المؤلف (راجع عمدة الطالب ص 20 ؛الدرجات الرفيعة ص 62).
3 - وكان طالب مع العباس يوم بدر فلم يعرف خبره (المناقب 2 / 180)3
4 - وقد ذكر في عمدة الطالب ص 15 هذا البيت هكذا: فليكن المطلوب غير طالب * والرجل المغلوب غير الغالب
5  -. لسان العرب 1 / 691.
6 - أمالي الصدوق: ص111؛ بحار الأنوار: ج44، ص287-288، المقصود مسلم بن عقيل.
7 - شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي: ج3، ص239.
8 - شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد: ج2، 118-119.
9 - المصدر السابق: ص124-125.
10 - بحار الأنوار: ج21، ص23؛ المستدرك للحاكم النيسابوري: ج3، ص233، ح539.
11 - شرح النهج: ج13، 224.
12 - السيرة النبوية لأحمد بن زيني دحلان: ج2، ص
13 - المستدرك للحاكم: ج3، ص 233، ح537.
14 - المستدرك للحاكم: ج3، ص 231، ح533.
15 - المستدرك للحاكم: ج3، ص 233، ح538.
16 - الصواعق المحرقة لابن حجر: ص76.
17 - المناقب للخوارزمي: ص328، ح61، ينابيع المودة للقندوري: ج1، ص246، ح28.
18 - المناقب للخوارزمي: ص32-33، ح2؛ كفاية الطالب للكنجي الشافعي: ص252؛ فرائد السمطين للحموي: ج1، ص18.
19 - الفردوس للديلمي: ج1، ص429، ح1751؛ مناقب علي بن أبي طالب× لابن المغازلي:ص230، ح277.
20 - بحار الأنوار: ج18، ص282.
21 - بحار الأنوار: ج21، ص131؛ سفينة البحار للقمي: ج8، ص714، مادة هنأ.
22 - بحار الأنوار: ج43، ص302؛ المعجم الأوسط للطبراني: ج7، ص237-238، ح6458؛ ذخائر العقبى للمحب الطبراني، ص130.
23 - المصدر السابق: ج74، ص166؛ سفينة البحار: ج3، ص494 مادة زمن.
24 - أمالي الصدوق: ص14، المجلس 27.
25 - بحار الأنوار: ج19، ص64-67.
26 - المصدر السابق: ص106.
27 - الكامل في التاريخ لابن الأثير: ج2، ص106.
28 - بحار الأنوار: ج35، ص109؛ الحجة على الذاهب...، ص50.
29 - الكافي: ج4، ص544، ح21.
30 - سبأ: 23.
31 - البقرة: 255.
32 - الأنبياء: 28.
33 - الخرائج والجوارح للراوندي: ج1، ص138، ح225.

34 - مصباح المتهجد للطوسي: ص220-277؛ مصباح الكفعمي: ص72-78؛ بحار الأنوار: ج83، ص165-170.
35 - آل عمران: 39.
36 - البقرة: 130.
37 - بحار الأنوار: ج40، ص68، ح102.
38 - الكافي: ج1، ص452-453، ح1.
39 - الكافي: ج1، ص453-454، ح2.
40 - مقاتل الطالبيين، ص101؛ البرهان:ج4،ص327 عنه.
41 - بحار الأنوار: ج48، ص298.
42 - مصباح الزائر لابن طاووس: ص60؛ بحار الأنوار: ج100، ص218، ح17.