فهرست کتاب
لیست کتابها
■ كلمتنا: دين الإسلام، الحاكم الأبدي
■ الجدال بين العقل والوهم - بقلم: سماحة السید عادل العلوي
■ حاجتنا لقوة الإرادة- بقلم: سماحة السيد منیر الخباز
■ العلماء ورثة الأنبياء - الشيخ جعفر الحلّيّ النجفيّ كاشف الغطاء
■ قبل وفات الزهراء عليها السلام - سماحة السيد جعفر مرتضى العالملي
■ العدة في الكافي - آية الله المرحوم السيد علي العلوي
■ في حكم لعن معاوية ويزيد - مناظرة آية الله العظمى المرحوم السيد عبدالله الشيرازي مع بعض العلماء
■ كيد النساء
■ الولد الطماع
■ رجل وإبنه فى قمة البخل
■ آيات السكينة
■ فياض الزمن
■ ١٥٦٠ نصيحة! - جاكسون براون
■ الجدال بين العقل والوهم - بقلم: سماحة السید عادل العلوي
■ حاجتنا لقوة الإرادة- بقلم: سماحة السيد منیر الخباز
■ العلماء ورثة الأنبياء - الشيخ جعفر الحلّيّ النجفيّ كاشف الغطاء
■ قبل وفات الزهراء عليها السلام - سماحة السيد جعفر مرتضى العالملي
■ العدة في الكافي - آية الله المرحوم السيد علي العلوي
■ في حكم لعن معاوية ويزيد - مناظرة آية الله العظمى المرحوم السيد عبدالله الشيرازي مع بعض العلماء
■ كيد النساء
■ الولد الطماع
■ رجل وإبنه فى قمة البخل
■ آيات السكينة
■ فياض الزمن
■ ١٥٦٠ نصيحة! - جاكسون براون
- صوت الكاظمين _ العدد: 260 - 259. ربيع الأول و ربيع الثاني 1442 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 258 - 257. محرم الحرام و صفر 1442 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 256 - 255. ذي القعدة و ذي الحجة 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 254 - 253. رمضان الکريم وشوال 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 252 - 251. رجب المرجب و شعبان 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 250 - 249. جمادي الأولی و الثانية 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 248 - 247. ربيع الأول و ربيع الثاني 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 246 - 245. محرم الحرام و صفر 1441 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 243 - 242. ذي القعدة وذي الحجة 1440 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد: 242 - 241. رمضان الکريم وشوال 1440 هـ
- صوت الكاظمين _ العدد :239_240
- صوت الكاظمين _ العدد :237_238
- صوت الكاظمين _ العدد :235_236
- صوت الكاظمين _ العدد :233_234
- صوت الكاظمين _ العدد :231_232
- صوت الكاظمين _ العدد :53 _ 12 شوّال 1417 هجرية
- صوت الكاظمين _ العدد :43 _ 12 ذوالحجة 1416 هجرية
- صوت الكاظمين _ العدد :37 _ 12 جمادی الثانی 1416 ه.ق
- صوت الكاظمين _ العدد :الحادي عشر _ربيع الثاني 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :العاشر _ربيع الاول 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :التاسع _صفر 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الثامن _محرم 1414 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :السابع _ذوالحجة 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :السادس _ذوالقعدة 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الخامس _شوال 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الرابع _شهر الرمضان 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الثالث _شعبان 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الثاني _رجب 1413 ه
- صوت الكاظمين _ العدد :الاول _جمادي الثاني 1413 ه
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 230-229. رمضان و شوال 1439 هـ
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 228- 227. رجب المرجب و شعبان 1439 هـ
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 226-225. جمادی الأولی والثانية 1439 هـ
- صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 223-224 ربیع الأول والثاني 1439 هـ
- الكوثر العدد الرابع والعشرون - رجب 1432هـ
- الكوثر العدد الثالث والعشرون - رجب 1426
- الكوثر العدد العشرون محرّم 1425
- الكوثر العدد التاسع عشر رجب 1424
- الكوثر العدد الثامن عشر محرّم 1424
- الكوثر العدد السابع عشر رجب 1423
- الكوثر العدد السادس عشر محرّم 1423
- الكوثر العدد الخامس عشر رجب 1422
- الكوثر العدد الرابع عشر محرّم 1422
- الكوثر العدد الثالث عشر رجب 1421
- الكوثر العدد الثاني عشر محرم الحرام 1421
- صحیفة صوت الکاظمین 222-221 أشهر محرم الحرام و صفر 1439 هـ
- صحیفة صوت الکاظمین 219-220 أشهر ذي القعدة وذي الحجة 1438هـ . 2017م
- مجلة الکوثر - العدد السادس والثلاثون والسابع وثلاثون 36 - 37 - شهر رجب 1438هـ -2017م
- صحیفة صوت الکاظمین 216-218 أشهر رجب - شعبان - رمضان 1438هـ . نيسان / ايّار / حزيران 2017م
- مجلة الكوثر - العدد العاشر - محرم الحرام - سنة 1420 هـ
- مجلة الكوثر - العدد التاسع - رجب - سنة 1419 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الثامن - محرم الحرام - سنة 1419 هـ
- مجلة الكوثر - العدد السابع - 20 جمادي الثاني - سنة 1418 هـ
- مجلة الكوثر - العدد السادس - محرم الحرام - سنة 1418 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الخامس - 20 جمادي الثاني - سنة 1417 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الرابع - محرم الحرام - سنة 1417 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الثالث - 20 جمادي الثاني - سنة 1416 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الثاني - محرم الحرام - سنة 1416 هـ
- مجلة الكوثر - العدد الاول - 20 جمادي الثاني يوم ولادة سيدة فاطمة الزهراء - سنة 1415 هـ
- مجلة عشاق اهل بیت 7
- مجلة عشاق اهل بیت 6
- مجلة عشاق اهل بیت 5
- مجلة عشاق اهل بیت 4
- مجلة عشاق اهل بیت 3
- مجلة عشاق اهل بیت 2
- مجلة عشاق اهل بیت 1
- صحیفة صوت الکاظمین 215-212 شهور ربیعین وجمادیین 1438هـ . دیسمبر / مارس2017م
- صحیفة صوت الکاظمین 210 -211 شهر محرم وصفر 1438هـ . أکتوبر/ نوفمبر 2016م
- صحیفة صوت الکاظمین 208 -209 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1437هـ .أغسطس/سبتمبر 2016م
- مجلہ عشاق اہل بیت 14و 15 ۔ ربیع الثانی 1437 ھ
- مجلہ عشاق اہل بیت 12و 13 ۔ ربیع الثانی 1436 ھ
- صحیفة صوت الکاظمین 206 -207 شهر رمضان وشوال 1437هـ .نیسان/أیار2016م
- مجلة الکوثر الرابع والثلاثون والخامس وثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م
- صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ .نیسان/ أیار 2016م
- صحیفة صوت الکاظمین 203-202 شهر جمادي الاول والثاني 1437هـ .فبرایر/مارس 2016م
- مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 201-200 شهر ربیع الاول والثاني 1437هـ .دیسمبر/کانون الاول 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 198-199 شهر محرم الحرام وصفر 1436هـ .اکتبر/نوفمبر 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 196-197 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1436هـ . اغسطس/سبتمبر 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 194-195 شهر رمضان وشوال 1436هـ . حزیران/تموز 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 193 شهر شعبان 1436هـ . مایو/آیار 2015م
- صحیفة صوت الکاظمین 192 شهر رجب المرجب 1436هـ . ابریل /نیسان 2015م
- مجلة الکوثر الثاني والثلاثون - شهر رجب المرجب 1436هـ -2015م
- مجلة الکوثر الواحد والثلاثون - شهر محرم الحرام 1436هـ -2014م
- صحیفة صوت الکاظمین 190 -191 شهر جمادي الاول والثاني 1436هـ. فبرایر/شباط 2015مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 189 شهر ربیع الثاني 1436هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 188 شهر ربیع الاول 1436هـ. کانون الاول/ کانون الثاني 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 187 شهر صفر المظفر 1436هـ. دیسمبر/ کانون الاول 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 186 شهر محرم الحرام 1436هـ. اکتوبر/ تشرین الاول 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 185 شهر ذي الحجة 1435هـ. سبتمبر/ أیلول 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 184 شهر ذي القعدة 1435هـ. اغسطس/ اب 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 183 شهر شوال المکرم 1435هـ. یولیو/تموز 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 182 شهر رمضان 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
- مجلة الکوثر الثلاثون - شهر رجب المرجب 1435هـ -2014م
- صحیفة صوت الکاظمین 181 شهر شعبان المعظم 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 180 شهر رجب المرجب 1435هـ. مایو/أیار 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 179 شهر جمادي الثاني 1435هـ. ابریل/نیسان 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 178 شهر جمادي الأول 1435هـ. مارس/آذار 2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 177 شهر ربیع الثاني 1435هـ.فبرایر/شباط2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 176 شهر ربیع الأول 1435هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
- صحیفة صوت الکاظمین 175 شهرصفر 1435هـ. دیسمبر/کانون2013مـ.
- مجلة عشاق اهل بیت 11
- مجلة الکوثر التاسع والعشرون -شهر محرم الحرام 1435ه -2013م
- صحیفة صوت الکاظمین 174 شهر محرم الحرام1435
- صحیفة صوت الکاظمین 173 شهر ذي الحجة 1434
- صحیفة صوت الکاظمین 172 شهر ذي القعده
- مجلة عشاق اهل بیت شماره 10شوال 1434هـ
- صحیفة صوت الکاظمین 171 شهر شوال
- مجلة عشاق اهل بیت 8 - شوال 1333هـ
- مجلة عشاق اهل بیت 9 - ربیع الثانی 1334
- مجله الکوثر 28-رجب المرجب1434 هـ 2012 م
- مجله الکوثر 27-محرم الحرام1434 هـ 2012 م
- صوت الكاظمین-العدد 170-رمضان 1434 هـ -یولیو/تموز2013 م .
- مجلة صوت الکاظمین العدد166
- صوت الكاظمین-العدد 169-شعبان المعظم 1434 هـ - یونیو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 168-رجب المرجب 1434 هـ - مایو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 167 -جمادی الثانی 1434 هـ - أبریل 2013 م .
- صوت الكاظمین-العدد 165-ربیع الثانی 1434 هـ - فیرایر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 164-ربيع الاول 1434 هـ - يناير 2013 م .
- صوت الكاظمین-العدد 149-ذی الحجة 1432هـ - أکتوبر 2011 م .
- صوت الكاظمین-العدد 150-محرم الحرام 1433 هـ - نوفمبر 2011 م .
- صوت الكاظمین-العدد 151-صفر المظفر 1433 هـ - ینایر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 152-ربع الأول الخیر 1433 هـ - فبرایر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 153-ربیع الثانی1433 هـ - مارس 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 154-جمادی الأولی 1433هـ - مایو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 155-جمادی الثانی 1433 هـ - یونیو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 157-شعبان المعظم 1433 هـ - اغسطس 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 156-رجب المجرب 1433 هـ - یولیو 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 158-رمضان الکریم 1433هـ - اغسطس 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 159-شوال 1433هـ - سبتمبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 160-ذی القعدیة 1433 هـ - سبتمبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 161-ذی الحجة 1433 هـ - آکتوبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 162-محرم الحرام 1434 هـ - نوفمبر 2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 164-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
- صوت الكاظمین-العدد 163-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
- مجله الکوثر 26-العدد السادس والعشرون رجب المرجب 1433هـ 2012م
- مجلة الکوثر 25
(اللّهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، اللّهم إفتح علينا أبواب رحمتك، وانشر علينا خزائن علومك برحمتك يا أرحم الراحمين).
أعلم أنّ الجدال بين العقل والوهم ربّما ينتهي إلى غلبة الوهم وسيطرته على العقل وهذا من أكبر المخاطر والمهالك، فإنّه يرى ما ليس علماً من العلم، ويرتّب على ذلك آثار العلم، ويحسب أنه يُحسن صُنعاً.
وربّما من كان عنده بعض المعلومات والمشاهدات يبتلى بالأوهام والتخيّلات والخرافات أيضاً، والسبب في ذلك يرجع إلى أنّه لم يستخدم القوة العاقلة بالمستوى المطلوب، حتى صارت مغلوبة الوهم وأسيرة الخيال ومقهورة الشكوك، ولا يخفى أنّ أتباع القوة الواهمة، وإن كانوا في الصورة من الآدمييّن، إلّا أنهم بالقوة لا بالفعل يلتحقون بركبّ الإنسانية وبالنّفوس الناطقة الدرّاكة للكليات، فإنّهم لم يستطيعوا طيّ المدارج العالية في مراتب النفس الإنسانية، وبلوغ قمة الكمال مع الأوهام.
بيان ذلك: إنّ الإنسان في هيكله العنصري والظاهري المحسوس يحمل في واقعه وباطنه جوهراً عظيماً يختلف ذاتاً وصفةً وفعلاً عن باقي جواهر الأجسام المحسوسة، ومن أجل هذه الجوهرة القدسية فيه، قد إمتاز عن العجماوات والنباتات والجمادات، وعن سائر المخلوقات الجسمانية بالكرامة والفضيلة والشّرف، ولقد كرّم الله بني آدم بكرامات، من أجلّها وأجملها عقله، وهو المصباح المنير في مسالك وطرق حياته.
وهذه الجوهرة الفريدة اليتيمة هي النفس الإنسانية التي نزلت من العلياء ومن الملأ الأعلى، وقد إمتازت عمّا سواها في قوسيها النزولي والصعودي بأمرين:
الأول: التّعقل وإدراك المفاهيم والمعاني المجردة والكليّة، وإدراك ومعرفة الحقائق كما هي.
الثاني: خلوص وصدور الإرادة العقلية المجردة من الشوائب في جذب الملائمات والملذّات للنّفس،وتسمى هذه بالشّهوة، كما فيها وقع المناظرات، وتسمى بالغصب، فالإنسان في تركيبه ، قد منحه الله العقل، بإعتبار إنسانيته، والنّفس النّاطقة، وقوتي الشهوة والغضب بإعتبار حيوانيّته، فإنّه في علم المنطق: عرُّف الإنسان بأنه حيوان ناطق، وإن كان تعريفه في العرفان بأنّه حيّ متألّه.
فالجوهر الخاص في الإنسان الذي يعبّر عنه في مصطلح الأديان بالروّح، وعند الفلاسفة والحكماء بالنّفس الناطقة ، وهي تمتلك قوة الإدراكات الكليّة التي هي من الثوابت، والإدركات الجزئية التي هي من المتغيرات، ويصل الإنسان إلى النفس الإنسانية من دون إدوات خارجية، إلّا أنّ الثانية يكون حصولها بالأدوات والعوامل الخارجية، وبالقوى الجسمانية.
وفي هذا السياق قال بعض الفلاسفة: النفس تدرك الكليات بذاتها، والجزئيات بآلاتها.
ثم للإنسان شؤونات نباتيّة من القوّة الغاذية والنامية والمولّدة، وشؤونات حيوانية، إذ أنّه جسم نامي حسّاس متحرك بالإرادة، ومن شؤونات إنسانية كأدراك الكليّات والجزئيات، فهو جسم نامي حسّاس متحرك بالإرادة ناطق، فيجمع بين الحياة النباتية والحيوانية والإنسانية، حتى حياة خالدة (أحياء عند ربهم يرزقون) فتتجلّى الحياة الإلهيّة فيه، وكما تتجلّى فيه أسمائه وصفاته جلّ جلاله، ومن ثم كان الإنسان حياً متألّهاً، وحياة الله إنّما هي علمه وقدرته، فإنّه عالم بكل شيء، وقادر على كلّ شيء وكلّ من كان كذلك، كان حياً في ذاته وصفاته وأفعاله.
ثم الأصول النباتية قوى ثلاث: الغاذية والنّامية والمولّدة، والغاذية لها خصائص أربعة: الجاذبة والدّافعة والماسكة والهاضمة، والمولّدة: ذات قوتين: المحصلّة والمفصلّة، ويقصد من الأولى أن تجعل من أجزاء الطعام قابلة لأخذ صورة النّطفة، ومن الثانية ما تجعل أجزاء الطعام قابلة لأخذ أي صورة أخرى.
وأمّا الحياة الحيوانية: فإنّها تشترك مع الإنسان في القوى العشرة المعروفة: خمس منها ظاهرية، وهي: السامعة والباصرة والشامّة والذائقة واللّامسة، وخمس منها باطنة: أولها: الحس المشترك، المسمى بالقوة البنطاسيّة، الذي يدرك الصور المحسوسة لينقلها إلى خزانة الخيال والقوة المتخيلة، والخيال التي تحفظ الصور المحسوسة، فهي خزانة الحسّ المشترك، ثم قوة الوهم التي يدرك المعاني الجزئية، والرابعة: قوة الحافظة وهي خزانة الوهم، فتحفظ الصور الجزئية، والخامسة: القوّة المتصرّفة التي تجمع المدركات المخزونة، وتوصل بعضها مع بعض لتستخرج منها حكماً، فإن كان منشأه الواهمة، سميت بالمتخيلّة، وإن كانت من العاقلة سميت بالمفكّرة.
دور الفكر في حياة الإنسان:
ثم اعلم أن تعقّل المفاهيم الكليّة وإدراك حقائق الأشياء الذي يتجلّى في حريم النّفس الناطقة، إنها تحصل من طريق الفكر الصائب والرأي الثاقب، والفكر الصائب إنما يكون بالعلم النافع، ولا يكون العلم إلّا بالعقل السّليم.
ولا بتحقق سهولة خرق حُجب الأوهام المانعة من كشف الحقائق والعلوم الصادقة والفنون الجميلة، إلّا بالعقل والعلم والمعرفة، فإنّ القوة الواهمة تدرك المحسوسات وغير المحسوسات التي كانت في المحسوسات، ويصدر منها حكماً جزئياً، إلّا أنه تارة في مقام الجدال مع العقل يتغلب عليه ويجلس ويتربع على عرش العلم، ويأخذ زمام الأمور بيده، ويرتب آثار العلم على حكمه، فيسّول ويزين الباطل بلباس الحق، وهذا من تسويلات النّفس في داخل الإنسان، والوهم ينفع في الحيوانات ليفرّ الشاة من الذئب، ويهجم الذئب على الشاة، ولكن في الإنسان فإنّه يضرّبه الأوهام، ولا سيما عند جداله مع العقل والتّعقلات والعقلانية، لأنّ الأوهام جسمانية الوجود، فهي من القوى الباطنية للإنسان كما مرّ، إذا حكمت وکانت سيدة الموقف فلا تعترف بالعقل، ولا تذعن ولا تخضع بما في العقل من الحكم، بل حتى في بعض الموارد، تكون الحاكمة والسيدة مع وجود الجهل والجهالة والسفاهة والحماقة، ممّا يتعب العقل ويغلبه في أحكامه، كمن يخاف أن يبيت مع ميّت في دار، والحال يعلم بعقله وبالحسّ والوجدان أن هذا الميّت لا ينفع ولا يضرّ، وأنّه ليس إلّا جماداً كباقي الجمادات التي حوله كالجدار والبساط، ولكن مع ذلك يخاف منه حتى يترك عقله وتجاربه.
ومن هذا الباب ما نراه بأنّ الجميع يعلم أن الإنسان فقير في ذاته، لا يملك نفعاً ولا ضراً، ولا حول له ولا قوة إلّا بالله، ولكن مع ذلك من الوهم أن نطلب الحاجة منه، من دون ملاحظة إذن الله وارادته في الطلب منه، أو أنّه نجعله وهماً في حدّ الألوهية والربوبية، ونخرجه عن حدّ الحيوانية والإنسانية، ما لم يكن معصوماً بعصمة الله وعلمه من لدن حكيم.
فالوهم يجعل العقل تارة أسيره، مكبّلاً بسلاسله وربما هو الذي يعبّر عنه بالشيطان المارد، فتدبر وإحذره غاية الحذر، فإنّه عدوك اللّدود الذي يراك ولا تراه، وإنّما تعرفه من آثاره ووساوسه وتسويلاته.
وظائف العقل:
من وظائف العقل: أن ينتقل العاقل من دركه للمحسوسات الجزئية إلى المفاهيم الكليّة، ومنه يصل إلى شمّ رائحة الحقيقة، كمن يرى من يعيد في أنفاق الحياة بصيصاً من النّور، كنقطة الشروع والبداية، والختم والنهاية، فإنّ العلم رأس مال العقل، وهو نقطة كثرها الجاهلون.
واعلم أن بين النقطتين من الجنبين: الإبتداء والإنتهاء وجود المعرفة، فالنّقطة واحدة وسبيل الوصول إليها المعرفة، فإنّ المعرفة والمعارف بمنزلة حبال سميكة وأسلاك قويّة توصل بين العلم والعالم والمعلوم، سواء في نقطة الشروع أو نقطة النهاية، فكلّما تقدّمنا إلى المعلوم بالإجمال أو تقدم المعلوم إلينا إجمالاً، فإنّه نزداد به معرفةً، ونتعرّف عليه في خصائصه وجزئياته، وكذا إذا ابتعدنا عن النقطة قلّت معرفتنا وصارت المعلومات كالنقطة في كتاب، أو القطرة في بحر، ومن فوارق العلم والمعرفة، أنّ الأول إدراك الكليات، والثاني إدراك جزئياتها.
فالنقطة واحدة إلّا أنها تكثرت لجهل الجاهلين بها، واستفسارهم وأسئلتهم عن حقيقتها وماهيتها ومكوّنتها وأجزائها أو جزئياتها .
معاني العقل:
ثم العلم والمعرفة، كما مرّ ـ من المقول التشكيكي ذات المراتب الأفقيّة والعموديّة، وهذا ما يوجب إختلاف الناس في عقولهم ومدركاتهم وأفكارهم وآرائهم، وكذلك الأمر في العقل، فليس الناس سواسي في عقولهم ومعقولاتهم ولا في معارفهم وعرفانهم.
وللعقل معاني وإطلاقات عديدة، ومن جهات وحيثيات مختلفة
فالعقل لغةً: من عقال البعير الذي يلفّ حول ركبته عند بركه، مما يدل على الضّبط وعدم الإفلات.
وفي مفردات الراغب: عقل: العقل يقال: للقوة المنتهية لقبول العلم، ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل، ولهذا قال أمير المؤمنين علي×: (العقل عقلان مطبوع ومسموع ـ ولا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع) وإلى الأول: أي العقل المطبوع في طبيعة الإنسان أشار النبي|: (ما خلق الله خلقاً أكرم عليه من العقل).
وإلى الثاني أي العقل المسموع أشار بقوله|: (ما كسب أحد شيئاً أفضل من عقل يهديه إلى هدىً أو يردّه عن ردى).
وهذا العقل بالمعنى الثاني هو المَعنىّ في قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ﴾ في سورة العنكبوت ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ﴾.
وكلّ موضع ذمّ الله فيه الكفّار بعدم العقل، فإشارة إلى الثاني دون الأوّل نحو: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾، فإنّ الكافر عنده العقل الطبعي الذي كلّف به ويحاسب عليه، دون العقل السمعي وهو العلم النافع فمن علم وعمل به، وكلّ موضع رُفع التكليف عن العبد لعدم العقل، فإشارة إلى المعنى الأول.
وأصل العقل لغةً: الإمساك والإستمساك، كعقل البعير بالعقال، وعقل الدّواء البطنَ، وعقلتِ المرأة شعرها، وعقَل لسانه كفّه، ومنه: قيل: للحصن معقل وجمعه معاقل، وباعتبار عقل البعير، قيل: عقلت المقتول أعطيت ديته، وقيل أصله: أن تعقل الإبل بفناء وفي الدّم، وقيل: بل بعقل الدم أن يسفك، ثم سميت الدية بأي شيء كان عقلاً، ونسمي الملتزمون له عاقلة... والعقيلة من النساء والدّر وغيرهما التي تُعقل، أي تحرس وتُمنع..) .
والعقل في المصطلحات لها معاني مختلفة بإختلاف أرباب المصطلحات، فإنّ العقل في المصطلح الفقهي والأصولي غير ما هو في المصطلح الفلسفي والمنطقي، وهكذا كما ورد في التفاسير والأحاديث الشريفة.
وفي الحكمة المتعالية: عبّر عن العقل بالجوهر المجرد الذي في صدور أفعال الإنسان عن إختياره بسببه يحتاج إلى قوى وآلات ظاهرية،وباطنية من الحواس العشرة كما مرّ ذلك.
وعند بعض العرفاء: العقل نور روحاني الذي بسببه يحصل للنّفس من الإدراك والمدركات،ما لم يحصل بالحواس وقيل: العقل ما يدرك به الكليات، ما يلزمه جودة الفكر والتفكّر والعقلانية وحسن التدبير والإدارة.
والإستنباط وكسب المنافع ودفع المضّار الشخصيّة والإجتماعيّة في الأمور المادية المعنويّة، وتشخيص الخطاب من الصواب والحق من الباطل والهدى من الضّلال، واستعداد قبول العلوم النّظرية، وتدبير الصناعات وتطويرها وإزدهارها ونحو ذلك.
أقسام ومراتب العقل:
ثم إعلم أنّ للنفس الإنسانية عقلان: عقل نظري وهو يتعلق بما يعلم، وعقل عملي ومتعلقه ما يعمل.
كما للنفس مراتب وطيّات كثيرة، وأنّ لها في كل مرتبة تعيّن خاص وبإسم خاص للتميز بين العيّنات.
وللعقل النظري مراتب أربعة:
الأولى: الإستعداد لكسب المعقولات الأوليّة من طريق الحواس الخمسة ويُسمى بالعقل الهيولاني.
الثانية: الإستعداد لكسب النّظريات المعقولة من المعقولات والمعلومات الأوليّة مطلقاً سواء أكان من طريق الحسّ أو طريق الفكر، ويسمى: العقل بالمَلكة.
الثالثة: الإستعداد لإستحضار النظريات المكتسبة في أيّ وقت شاء،ويسمى: العقل بالفعل.
الرابعة: تبديل ما به الإستعداد والقوة إلى الفعل، بمعنى فناء القوى والإستعدادات وإستحضار العلوم المكتسبة بالمشاهدة، ويُسمى: العقل المستفاد.
وبعبارة أُخرى: وفي الجملة: أن العقل النّظري إما في رتبة الفعلية الصّرفة، أو في مرتبة الإستعداد، وهو إمّا قريب أو متوسط أو بعيد، فالأول: العقل المستفاد، والثاني العقل بالفعل، والثالث العقل بالملكة، والرابع: العقل الهيولاني.
وأمّا مراتب العقل العملي: فهي أربعة كذلك:
الأولى: تهذيب الظاهر وإستعمال الآداب بإستعمال وتطبيق تعاليم الإسلام والأحكام الدينية والشرعيّة، وتسمى: بالتّجلية.
الثانية: تزكية الباطن من الأخلاق الرذيلة والصفات الذميمة، وتسمى بالتخلية، إلّا أنّ المشهور كما هو المختار أن التخلية في مقام العقل العملي مقدّم على المراتب الأخرى.
الثالثة: تحلية النّفس بالفضائل والكمالات وبمكارم الأخلاق ومحاسنها، وتسمى: بالتّحلية.
والرابعة: الوصول إلى مقام الفناء بالله والبقاء به، فتفنى إرادته في إرادة الله سبحانه، فلا يريد إلّا ما يريده، فيذوب ويفنى في أنوار الله وأسمائه الحسنى وصفاته العليا المتجلية في الوجود المنبسط الحقيقي، والمتنزلة في القوس النزولي إلى عالم النّاسوتي في خلق الله وفي كتابه القرآن الكريم، وفي أشرف خلقه محمد وآله^.
ولا ريب أنّه لابدّ في كشف الحقائق وشهودها، ومعرفة الجزئيات والعلم بالكليّات من حاكمية العقل وسيادته اللُّب وهو العقل الخالص من الشوائب في صنع وجود الإنسان وفي حياته، بكل أبعادها ومجالاتها، فإنّه بنور العقل ومصباحه تتميز ألوان الحقائق وأشكالها ويشم روائح الدقائق منها، وتبتهج الأرواح وتتكامل بمعرفتها وتصل بها إلى قمة الكمالات باب قوسين أو أدنى.
اللهم أرزقنا عقلاً کاملاً ولبّاً راجحاً وقلباً زکيّاً وعزّاً باقیاً وأدباً بارعاً وعملاً کثيراً وإجعله لنا ولاتجعله علينا برحمتک يا أرحم الراحمين.