إثبات إمامة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب ×
آية التطهير - (القسم الثاني)
هذا ما أكده شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابه حقوق آل البيت بين السنة والبدعة في بيان نزول هذه الآية. كما عن أم سلمة في قوله: «ولما بين سبحانه أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل البيت ويطهرهم تطهيرا. دعا النبي| لأقرب أهل بيته وأعظمهم اختصاصا، به وهم: علي، وفاطمة، رضي الله عنهما، وسيدا شباب أهل الجنة، جمع الله لهم بين أن قضى لهم بالتطهير وبين أن قضى بكمال دعاء النبي| فكان ذلك مما دلّنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله»(1).
وهذا يدلّ صراحة أن الآية نزلت في هؤلاء دون سواهم من نساء النبي| كما يدعيه (الاستاذ الألباني) خصوصا إذا عرفنا أن موقف ابن تيمية من شيعة علي×، موقف المنازع المنكر لكلّ ما يعتقده الشيعة، ومع هذا سلّم بأنّ آية التطهير نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين^. وتأكيداً لهذا نذکر ما جاء عن مفسري أهل السنة ورواتهم، على سبيل المثال:
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: «خرج النبي| غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا﴾(2)
فنرى أن عائشة تعترف بأنّ الآية لم تنزل فيهن، وهي أحدى نساء النبي| والمقرّبة له كما يُدّعی!
وروى ابن تيمية عن أم سلمة، وهي من نساء النبي| أيضا:
«إن هذه الآية لمّا نزلت أدار النبي| كساءه على علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم...
... فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا»(3). يقول القرطبي في تفسير هذه الآية: «... وإن هذا الشيء جرى في الأخبار أن النبي| لما نزلت عليه هذه الآية، دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين، فعمد النبي| إلى كساء فلفها عليهم، ثم ألوى بيده إلى السماء، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا»(4).
وفي ذلك يقول البيضاوي في تفسيره: «وتخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما رضي الله عنهم لما روي أنه عليه الصلاة والسلام خرج ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود...»(5).
في تفسير القرآن العظيم لابن كثير: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس... الآية... عن أنس بن مالك قال: إن رسول الله| كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة اشهر إذا خرج  إلى صلاة الفجر يقول: (الصلاة يا أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا»، وقد أخرجها ابن كثير في تفسيره بطرق مختلفة (6).
ولهذا يقول ابن حجر في صواعقه: «إن أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين»(7).
ويقول أيضا: «وصح أنه| جعل على هؤلاء كساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي- أي خاصتي- أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وأنا معهم، قال: إنما انت على الخير» (8).
إذن هذا دليل قاطع على أن نساء النبي لا تشملهن الآية المباركة، ويؤيّد ذلك أيضا بالإضافة إلى ما ذكرناه، ما ترويه عائشة قالت لابن عمّ لها حينما سألها عن علي ×، فقالت: «تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلى رسول الله| وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه؟ لقد رأيت رسول الله| دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله عنهم فألقى عليهم ثوبا ً فقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) قالت: فدنوت منهم، فقلت: يا رسول الله وأنا من أهل بيتك، فقال|: تنحّي»(9).
فقوله|: تنحّي لدليل قاطع على أنّها ليست من أهل البيت الذين دلّت عليهم الآية.
وأخرج الحافظ الذهبي في تلخيصه على المستدرك في حديث صحيح عن ابن عباس قال: «... وأخذ رسول الله| ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين وقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت)، يقول الحاكم في مستدركه هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه»(10).
هذا وقد أخرج هذه الآية في هؤلاء الخمسة الأطهار، الکثیر من علماء أهل السنة نذکر منهم:النيسابوري في أسباب النزول (11)، والقندوزي في ينابيع المودة (12)، والنسائي في الخصائص (13)، والزمخشري في الكشاف (14)، والبلاذري في أنساب الاشراف (15)، والبيهقي في كتابه الاعتقاد على مذهب السلف (16)، وابن المغازلي في المناقب (17)، والمحب الطبري في ذخائر العقبى (18)، والامام أحمد كما عن أنس بن مالك قال: «إن رسول الله| كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة...»(19).
 إلى غير ذلك، وما ذكرناه -إن شاء الله- فيه الكفاية لطالب الهداية. الدكتور أحمد صبحي یعلّق على آية التطهير بقوله: «وهذا التفسير يفيد أن آل البيت بيت النبي هم المقصودون من لفظ القربى في الآية.... إذ ان ابن تيمية مع تطرّفه في معارضة تفسيرات الشيعة، قد سلّم أنه ورد في الصحيح أن النبي| قد خطب يوم غدير خم فقال: أذكركم في أهل بيتي، قالها ثلاثا»(20).
هذا ما جاء عن حفّاظ أهل السنة وثقاتهم من نزول الآية في رسول الله| وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين^، فتخصيص النبي| هؤلاء بالخصوص من دون جميع المسلمين وفيهم أقرباؤه وأهل بیته ونسائه، لدليل واضح على تهيئة الجو لهم لاستلام الخلافة من بعده، وتنبيه المسلمين على أن هؤلاء هم الصفوة التي ينبغي أن تُسند إليهم قيادة المسلمين.
ولهذا يقول العلاّمة المناوي في فيض القدير في شرح الجامع الصغير للعلامة السيوطي في حديث صحيح: «... أهل بيتي: تفصيل بعد إجمال بدلا او بيانا وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا»(21).
ولهذا جاء في صحيح الامام مسلم: «ولما نزلت هذه الآية: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم... دعا رسول الله| عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي»(22).
1 . ابن تيمية: حقوق آل البيت، طبعة 1981، الجيزة، ص10، 11، 12.
2 . صحيح مسلم: ج7، ص130.
3 . ابن تيمية: حقوق آل البيت، ص10.
4 . القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج14، ص184.
5 . البيضاوي: أنوار التنزيل، ص557..
6 . ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ج3، ص483، 485.
7 . ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة، ص141.
8 . ابن حجر الهيثمي: الصواعق المحرقة، ص143.
9 . ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ج3، ص485، 486.
10 . انظر المستدرك للحاكم وبهامشه تلخيص الذهبي: ج3، ص132، 133.
11 . النيسابوري: أسباب النزول، ص239.
12 . القندوزي، ينابيع المودة، ج1، ص54.
13 . النسائي: الخصائص، ص9.
14 . الزمخشري: الكشاف، ج1، ص193.
15 . البلاذري: أنساب الأشراف، ص104.
16 . البيهقي: الاعتقاد على مذهب السلف، ص186.
17 . ابن المغازلي: المناقب، ص189.
18 . المحب الطبري: ذخائر العقبى، ص21.
19 . الامام أحمد: المسند، ج3، ص259، ط1983.
20 . أحمد محمود صبحي: نظرية الامامة، ص184.
21 . العلامة المناوي: فيض القدير، ج3، 14، 15.
22 . صحيح مسلم: ج7، ص120، 121.