ارسال السریع للأسئلة
تحدیث: ١٤٤٥/٨/١٥ من نحن منشورات مقالات الصور صوتيات فيديو أسئلة أخبار التواصل معنا
العصمة بنظرة جديدة مجلة الکوثر الرابع والثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م صحيفة صوت الكاظمين الشهرية العدد 207/206 النور الباهر بين الخطباء والمنابر قناة الکاظمين مصباح الهداية ونبراس الأخلاق بإدارة السید محمد علي العلوي الخصائص الفاطميّة على ضوء الثقلين الشباب عماد البلاد إجمال الكلام في النّوم والمنام المؤسسة الإسلامية العالمية التبليغ والإرشاد برعایة السید عادل العلوي صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ الانسان على ضوء القرآن أخلاق الأنبياء في القرآن الكريم العلم الإلهامي بنظرة جديدة في رواق الاُسوة والقدوة الله الصمد في فقد الولد في رحاب اولى الألباب المأتم الحسیني الأسبوعي بإشراف السید عادل العلوي في دارالمحققین ومکتبة الإمام الصادق علیه السلام- إحیاء للعلم والعل نظرات في الإنسان الكامل والمتكامل مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م نور العلم والعلم نور مقالات في رحاب الامام الحسين(ع)
اللغة
تابعونا...
فهرست کتاب‌‌ لیست کتاب‌ها
■ المجمع الإسلامي العالمي التبلیغ والإرشاد
■ واحة الحوزة
■ واحة الثقافة
■ واحة الشعراء
■ الواحة
■ واحة الاسئلة
■ واحة الصور
  1. صوت الكاظمين _ العدد: 260 - 259. ربيع الأول و ربيع الثاني 1442 هـ
  2. صوت الكاظمين _ العدد: 258 - 257. محرم الحرام و صفر 1442 هـ
  3. صوت الكاظمين _ العدد: 256 - 255. ذي القعدة و ذي الحجة 1441 هـ
  4. صوت الكاظمين _ العدد: 254 - 253. رمضان الکريم وشوال 1441 هـ
  5. صوت الكاظمين _ العدد: 252 - 251. رجب المرجب و شعبان 1441 هـ
  6. صوت الكاظمين _ العدد: 250 - 249. جمادي الأولی و الثانية 1441 هـ
  7. صوت الكاظمين _ العدد: 248 - 247. ربيع الأول و ربيع الثاني 1441 هـ
  8. صوت الكاظمين _ العدد: 246 - 245. محرم الحرام و صفر 1441 هـ
  9. صوت الكاظمين _ العدد: 243 - 242. ذي القعدة وذي الحجة 1440 هـ
  10. صوت الكاظمين _ العدد: 242 - 241. رمضان الکريم وشوال 1440 هـ
  11. صوت الكاظمين _ العدد :239_240
  12. صوت الكاظمين _ العدد :237_238
  13. صوت الكاظمين _ العدد :235_236
  14. صوت الكاظمين _ العدد :233_234
  15. صوت الكاظمين _ العدد :231_232
  16. صوت الكاظمين _ العدد :53 _ 12 شوّال 1417 هجرية
  17. صوت الكاظمين _ العدد :43 _ 12 ذوالحجة 1416 هجرية
  18. صوت الكاظمين _ العدد :37 _ 12 جمادی الثانی 1416 ه.ق
  19. صوت الكاظمين _ العدد :الحادي عشر _ربيع الثاني 1414 ه
  20. صوت الكاظمين _ العدد :العاشر _ربيع الاول 1414 ه
  21. صوت الكاظمين _ العدد :التاسع _صفر 1414 ه
  22. صوت الكاظمين _ العدد :الثامن _محرم 1414 ه
  23. صوت الكاظمين _ العدد :السابع _ذوالحجة 1413 ه
  24. صوت الكاظمين _ العدد :السادس _ذوالقعدة 1413 ه
  25. صوت الكاظمين _ العدد :الخامس _شوال 1413 ه
  26. صوت الكاظمين _ العدد :الرابع _شهر الرمضان 1413 ه
  27. صوت الكاظمين _ العدد :الثالث _شعبان 1413 ه
  28. صوت الكاظمين _ العدد :الثاني _رجب 1413 ه
  29. صوت الكاظمين _ العدد :الاول _جمادي الثاني 1413 ه
  30. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 230-229. رمضان و شوال 1439 هـ
  31. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 228- 227. رجب المرجب و شعبان 1439 هـ
  32. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 226-225. جمادی الأولی والثانية 1439 هـ
  33. صحيفة صوت الکاظمين - العدد: 223-224 ربیع الأول والثاني 1439 هـ
  34. الكوثر العدد الرابع والعشرون - رجب 1432هـ
  35. الكوثر العدد الثالث والعشرون - رجب 1426
  36. الكوثر العدد العشرون محرّم 1425
  37. الكوثر العدد التاسع عشر رجب 1424
  38. الكوثر العدد الثامن عشر محرّم 1424
  39. الكوثر العدد السابع عشر رجب 1423
  40. الكوثر العدد السادس عشر محرّم 1423
  41. الكوثر العدد الخامس عشر رجب 1422
  42. الكوثر العدد الرابع عشر محرّم 1422
  43. الكوثر العدد الثالث عشر رجب 1421
  44. الكوثر العدد الثاني عشر محرم الحرام 1421
  45. صحیفة صوت الکاظمین 222-221 أشهر محرم الحرام و صفر 1439 هـ
  46. صحیفة صوت الکاظمین 219-220 أشهر ذي القعدة وذي الحجة 1438هـ . 2017م
  47. مجلة الکوثر - العدد السادس والثلاثون والسابع وثلاثون 36 - 37 - شهر رجب 1438هـ -2017م
  48. صحیفة صوت الکاظمین 216-218 أشهر رجب - شعبان - رمضان 1438هـ . نيسان / ايّار / حزيران 2017م
  49. مجلة الكوثر - العدد العاشر - محرم الحرام - سنة 1420 هـ
  50. مجلة الكوثر - العدد التاسع - رجب - سنة 1419 هـ
  51. مجلة الكوثر - العدد الثامن - محرم الحرام - سنة 1419 هـ
  52. مجلة الكوثر - العدد السابع - 20 جمادي الثاني - سنة 1418 هـ
  53. مجلة الكوثر - العدد السادس - محرم الحرام - سنة 1418 هـ
  54. مجلة الكوثر - العدد الخامس - 20 جمادي الثاني - سنة 1417 هـ
  55. مجلة الكوثر - العدد الرابع - محرم الحرام - سنة 1417 هـ
  56. مجلة الكوثر - العدد الثالث - 20 جمادي الثاني - سنة 1416 هـ
  57. مجلة الكوثر - العدد الثاني - محرم الحرام - سنة 1416 هـ
  58. مجلة الكوثر - العدد الاول - 20 جمادي الثاني يوم ولادة سيدة فاطمة الزهراء - سنة 1415 هـ
  59. مجلة عشاق اهل بیت 7
  60. مجلة عشاق اهل بیت 6
  61. مجلة عشاق اهل بیت 5
  62. مجلة عشاق اهل بیت 4
  63. مجلة عشاق اهل بیت 3
  64. مجلة عشاق اهل بیت 2
  65. مجلة عشاق اهل بیت 1
  66. صحیفة صوت الکاظمین 215-212 شهور ربیعین وجمادیین 1438هـ . دیسمبر / مارس2017م
  67. صحیفة صوت الکاظمین 210 -211 شهر محرم وصفر 1438هـ . أکتوبر/ نوفمبر 2016م
  68. صحیفة صوت الکاظمین 208 -209 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1437هـ .أغسطس/سبتمبر 2016م
  69. مجلہ عشاق اہل بیت 14و 15 ۔ ربیع الثانی 1437 ھ
  70. مجلہ عشاق اہل بیت 12و 13 ۔ ربیع الثانی 1436 ھ
  71. صحیفة صوت الکاظمین 206 -207 شهر رمضان وشوال 1437هـ .نیسان/أیار2016م
  72. مجلة الکوثر الرابع والثلاثون والخامس وثلاثون - شهر رجب المرجب 1437هـ -2016م
  73. صحیفة صوت الکاظمین 205-204 شهر رجب وشعبان 1437هـ .نیسان/ أیار 2016م
  74. صحیفة صوت الکاظمین 203-202 شهر جمادي الاول والثاني 1437هـ .فبرایر/مارس 2016م
  75. مجلة الکوثر الثالث والثلاثون - شهر محرم الحرام 1437هـ -2015م
  76. صحیفة صوت الکاظمین 201-200 شهر ربیع الاول والثاني 1437هـ .دیسمبر/کانون الاول 2015م
  77. صحیفة صوت الکاظمین 198-199 شهر محرم الحرام وصفر 1436هـ .اکتبر/نوفمبر 2015م
  78. صحیفة صوت الکاظمین 196-197 شهر ذي القعدة وذي الحجة 1436هـ . اغسطس/سبتمبر 2015م
  79. صحیفة صوت الکاظمین 194-195 شهر رمضان وشوال 1436هـ . حزیران/تموز 2015م
  80. صحیفة صوت الکاظمین 193 شهر شعبان 1436هـ . مایو/آیار 2015م
  81. صحیفة صوت الکاظمین 192 شهر رجب المرجب 1436هـ . ابریل /نیسان 2015م
  82. مجلة الکوثر الثاني والثلاثون - شهر رجب المرجب 1436هـ -2015م
  83. مجلة الکوثر الواحد والثلاثون - شهر محرم الحرام 1436هـ -2014م
  84. صحیفة صوت الکاظمین 190 -191 شهر جمادي الاول والثاني 1436هـ. فبرایر/شباط 2015مـ.
  85. صحیفة صوت الکاظمین 189 شهر ربیع الثاني 1436هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
  86. صحیفة صوت الکاظمین 188 شهر ربیع الاول 1436هـ. کانون الاول/ کانون الثاني 2014مـ.
  87. صحیفة صوت الکاظمین 187 شهر صفر المظفر 1436هـ. دیسمبر/ کانون الاول 2014مـ.
  88. صحیفة صوت الکاظمین 186 شهر محرم الحرام 1436هـ. اکتوبر/ تشرین الاول 2014مـ.
  89. صحیفة صوت الکاظمین 185 شهر ذي الحجة 1435هـ. سبتمبر/ أیلول 2014مـ.
  90. صحیفة صوت الکاظمین 184 شهر ذي القعدة 1435هـ. اغسطس/ اب 2014مـ.
  91. صحیفة صوت الکاظمین 183 شهر شوال المکرم 1435هـ. یولیو/تموز 2014مـ.
  92. صحیفة صوت الکاظمین 182 شهر رمضان 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
  93. مجلة الکوثر الثلاثون - شهر رجب المرجب 1435هـ -2014م
  94. صحیفة صوت الکاظمین 181 شهر شعبان المعظم 1435هـ. یونیو/حزیران 2014مـ.
  95. صحیفة صوت الکاظمین 180 شهر رجب المرجب 1435هـ. مایو/أیار 2014مـ.
  96. صحیفة صوت الکاظمین 179 شهر جمادي الثاني 1435هـ. ابریل/نیسان 2014مـ.
  97. صحیفة صوت الکاظمین 178 شهر جمادي الأول 1435هـ. مارس/آذار 2014مـ.
  98. صحیفة صوت الکاظمین 177 شهر ربیع الثاني 1435هـ.فبرایر/شباط2014مـ.
  99. صحیفة صوت الکاظمین 176 شهر ربیع الأول 1435هـ. ینایر/کانون الثاني2014مـ.
  100. صحیفة صوت الکاظمین 175 شهرصفر 1435هـ. دیسمبر/کانون2013مـ.
  101. مجلة عشاق اهل بیت 11
  102. مجلة الکوثر التاسع والعشرون -شهر محرم الحرام 1435ه -2013م
  103. صحیفة صوت الکاظمین 174 شهر محرم الحرام1435
  104. صحیفة صوت الکاظمین 173 شهر ذي الحجة 1434
  105. صحیفة صوت الکاظمین 172 شهر ذي القعده
  106. مجلة عشاق اهل بیت شماره 10شوال 1434هـ
  107. صحیفة صوت الکاظمین 171 شهر شوال
  108. مجلة عشاق اهل بیت 8 - شوال 1333هـ
  109. مجلة عشاق اهل بیت 9 - ربیع الثانی 1334
  110. مجله الکوثر 28-رجب المرجب1434 هـ 2012 م
  111. مجله الکوثر 27-محرم الحرام1434 هـ 2012 م
  112. صوت الكاظمین-العدد 170-رمضان 1434 هـ -یولیو/تموز2013 م .
  113. مجلة صوت الکاظمین العدد166
  114. صوت الكاظمین-العدد 169-شعبان المعظم 1434 هـ - یونیو 2012 م .
  115. صوت الكاظمین-العدد 168-رجب المرجب 1434 هـ - مایو 2012 م .
  116. صوت الكاظمین-العدد 167 -جمادی الثانی 1434 هـ - أبریل 2013 م .
  117. صوت الكاظمین-العدد 165-ربیع الثانی 1434 هـ - فیرایر 2012 م .
  118. صوت الكاظمین-العدد 164-ربيع الاول 1434 هـ - يناير 2013 م .
  119. صوت الكاظمین-العدد 149-ذی الحجة 1432هـ - أکتوبر 2011 م .
  120. صوت الكاظمین-العدد 150-محرم الحرام 1433 هـ - نوفمبر 2011 م .
  121. صوت الكاظمین-العدد 151-صفر المظفر 1433 هـ - ینایر 2012 م .
  122. صوت الكاظمین-العدد 152-ربع الأول الخیر 1433 هـ - فبرایر 2012 م .
  123. صوت الكاظمین-العدد 153-ربیع الثانی1433 هـ - مارس 2012 م .
  124. صوت الكاظمین-العدد 154-جمادی الأولی 1433هـ - مایو 2012 م .
  125. صوت الكاظمین-العدد 155-جمادی الثانی 1433 هـ - یونیو 2012 م .
  126. صوت الكاظمین-العدد 157-شعبان المعظم 1433 هـ - اغسطس 2012 م .
  127. صوت الكاظمین-العدد 156-رجب المجرب 1433 هـ - یولیو 2012 م .
  128. صوت الكاظمین-العدد 158-رمضان الکریم 1433هـ - اغسطس 2012 م .
  129. صوت الكاظمین-العدد 159-شوال 1433هـ - سبتمبر 2012 م .
  130. صوت الكاظمین-العدد 160-ذی القعدیة 1433 هـ - سبتمبر 2012 م .
  131. صوت الكاظمین-العدد 161-ذی الحجة 1433 هـ - آکتوبر 2012 م .
  132. صوت الكاظمین-العدد 162-محرم الحرام 1434 هـ - نوفمبر 2012 م .
  133. صوت الكاظمین-العدد 164-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
  134. صوت الكاظمین-العدد 163-صفر الخیر 1434 هـ - دیسمبر2012 م .
  135. مجله الکوثر 26-العدد السادس والعشرون رجب المرجب 1433هـ 2012م
  136. مجلة الکوثر 25

الملائکة 2 - الشیخ علي الکعبي

بسم الرحمن الرحيم
وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم وأفضل الصلاة وأتم التسليم على أشرف الخلق أجمعين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد‘ وعلى آله الطيبين الطاهرين الغر الميامين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
وصل بحثنا في الملائكة في القسم الأول إلى مقولة (بليناس) حيث ذكرنا في القسم الأول عدة أقوال في الملائكة ثم ذكرنا أيضاً عدة تعاريف لها، وذكرنا بعض الروايات الدالة على ما نحن فيه، وفي هذا القسم سنكمل ما بدأناه في القسم الأول. فنقول:
قال بليناس في كتابه (علّل الأشياء): إنّ الخالق عزّ وجلّ لمّا ضرب الخلقة بعضها ببعض وكال مكثها، خلق الأرواح المتفكرة القادرة، فخلقهن من حرارة الريح ونور النار، فمنهم خلق خُلقوا من حر الريح الباردة. ومنهم خلق خُلقوا من نور النار الحارة، ومنهم خلق خلقوا من حركة الماء البارد، ومنهم خلقوا من حركة الماء الحار، ومنهم خلق خلقوا من الماء المالح.
فخلق الله الخلقة العلوية من هذه الطبائع الثلاثة وليس فيهم من طبيعة التراب شيء، ومن خُلق منهم في السُفل فإنها خلقت من الطبائع الثلاث التي ذكرت مفردات غير مركبات، إذ لو كانوا مركبين لأدركهم الموت والإفتراق.
فهذه جميع أجناس المتفكرة من الملائكة والجن والشياطين وسكان الريح البارد والبحر والأرض، السود والبيض، والكواكب العلوية تشرق بنورها عليهم، فتتصل أنوارهم بنورها، ولا يشغلون مكاناً لأنهم نور، ولا يأخذون مكان غيرهم فهم ملؤوا الطبائع يديرونها ويتبولون عليها، ولكل طبيعة من الطبائع فيها خلق عظيم من الروحانيين ولا تقع عليهم التفصيل والفناء لأنهم غير مركبين، وإنّما هم من جوهر واحد، فلذلك صاروا  أكثر شيء عدداً، لا يسأمون ولا ينامون ولا يملّون يعملون دائبين بالليل والنهار بما وكلّوا به من حركة الفلك، وإدخال بعضها في بعض وحركة الشمس والقمر والكواكب والأمطار والرياح والحر والبرد والإقبال والأدبار في النبات والحيوان والمعادن وأفاعيل الأنس والحيوان، وكلّهم يعمل دائباً بالأمر الذي وكل به. وهم أجناس، جنس منهم في الفلك الأعلى وهم قيّام على  أرجلهم لا يجلسون الآن طبيعتهم روحانية ليطفة، فبلطافتهم لا يقدرون أن يجلسوا، لأنها تجذبهم إلى العلو، وكلهم يسبحون للذي خلقهم منذ يوم خلقهم لا يعملون ولا يتحركون يميناً وشمالاً. وليس لهم غير التسبيح للربّ لهم غلظ وشدة سجّدة طبائعهم لأنهم خُلقوا من حر النار.
وعلى فلك المشتري خلق عظيم من الروحانيين كذلك، وهم خلق معتدل ساكن لأنهم خُلقوا من روح الماء ليس لهم قسوة وفظاظة يدبرون فلك المشتري، ويقبلون ويتحركون مع حركته ويمجدّون الذي خلقهم.
وفي فلك المريخ خلق عظيم من النورانيين وهم غلاظ شداد، لأنهم خلقوا من نور النار اليابس، فلذلك لا رأفة لهم ولا رحمة، يدبرون ويقبلون مع المريخ في دوران الفلك لم يملكوا غير ذلك لأنهم لا رحمة لهم، ولذلك لم يوكلّوا بشيء من أعمال الناس.
وفي فلك الشمس خلق من الكرّويين لهم قسوة وفظاظة لشدة طبائعهم، لأنهم خلقوا من الريح والروح، ولهم أنارة ونور، فهم موكلّون بأعمال بني آدم على الحرث والنسل، وهم الذين يحركون الشمس، وبحركتها يخرج البخار والدخان، فيرفعون ذلك البخار إلى القمر ثمّ إلى الشمس، ثمّ يصدونه إلى الكواكب العالية، فيكون لهم غذاء، وهم على الثمار والزرع وولادة الحيوان وهم المسلطون على جميع الروحانيين من تحتهم يعملون بأمرهم، وهم لطاف نورانيين يدورون مع فلك الشمس، ويعملون معها ويعملون في إصلاح العالم وتوالد المواليد، وهم الذين يحفظون شيعة الشيطان وولده عن فساد العالم وخرابه، وحفظ الحيوان منهم.
وإنّما سمّوا ملائكة لأنهم ملكوا زمام الشيطان لئلا يخربّوا العالم.
وفي فلك الزهرة أيضاً خلق من الروحانيين لهم إعتدال وصلاح، فهم أحسنهم وجوهاً ولهم ريح طيب وبشر حسن، يحبون الإنس وجميع ما تحتهم من الحيوان حباً شديداً، ولهم بهم رأفة ورحمة ورثة وهم الذين يسعوّن في تأليف الذكران والإناث من كل شيء لمكان النسل والولادة، وبذلك وكلّوا.
وفي فلك عطارد روحانيّون خُلقوا من حر الريح الحارة، فاتصلّوا، بروحانيين الذين خلقوا من نور، وهم بين أيديهم مثل العبيد لا يغيبون عن أعينهم طرفة عين، يسارعون في خدمة ملائكة فلك الشمس، ويعملون بمسيرتهم، فهم لهم شبيه الوزراء، وهم الموكلّون بالنبات وإصلاحه، وحفظ النبت إذا طلع على وجه الأرض حتى يتم بتمامه، وهم أيضاً موكلون بصغار الحيوان والحفظ لهم من مردة الشياطين.
وإن القمر جرمه من الشمس وضوؤه من نورها، وهما دائبان يعملان في الليل والنهار وفلك القمر مملوؤ من الملائكة وهم ملائكة الرحمن مستبشروا الوجوه، لهم جمال وحسن صور وليس فيهم غضب ولا شدّة ولا قسوة على ولد آدم لقربهم منهم، وهم أشبه الروحانيين بالآدميين، وهم منعطفون على الحيوان مصلحون للنبات.
دائبون في مسيرة بني آدم فلا تصالحهم بهم ربما ظهروا لهم وكلّموهم، وهم مسلطون على السماء يحرسون السماء من شيطائيل وولده أن يسترقوا السمع من الملائكة الأعلى المتصلين بفلك الشمس، وهم الموكلون أيضاً بالحب والمبذور في الأرض يحفظونه لئلا تعرض له الشياطين ليفسدوه، فإنّ شيطائيل وولده لهم قوّة عظيمة في العالم والحرث والنسل، وكلّما لطف خلقه من الروحانيين ورقّت كانت أكثر أجنحة ومنهم من له ستة أجنحة، ومنهم من له خمسة أجنحة، ومنهم من له أربعة أجنحة، وكذلك إلى جناح واحد.
وأمّا المفكرة التي في الطبائع حين ظهرت لحقوا بالطبائع، فهم مستخيون في الماء والتراب والريح، لأنهم خلقوا من حر الماء المالح والريح العاصف والتراب المنتن، وهم يشمون شيطائيل وولده، وهم عصاة جفاة مفسدون في الأرض لهم خبث عظيم وقوة شديدة ومنظر قبيح ووجوه مسمجة وأرواحهم قذرة وهم على الفساد والطغيان وفي خراب العالم والخلقة العليا مسلطة عليهم يمنعونهم من خراب العالم وفساده.
وأقول: إنّما أوردت ملخصاً من كلامه لتعلم أن أكثر كلمات قدماء الحكماء الذين أخذوا العلوم من الأنبياء موافقة لما ورد في لسان الشرع. وإنّما أحدث المتأخرين منهم ما أحدثوا بآرائهم العليلة الفاسدة.
وهذا المخطط الذي ذكرناه وهو مما ينسب إلى ما يسمّى (بليناس) مخطط رائع وجميل ويدل مسلم ذوق رفيع، ولكنه متين على فرضية الأملاك التسعة وفرضيات أخرى لم تتأيد بعقل ولا بنقل، بل كلاهما (أي العقل والنقل) على خلاقها.
والظاهر أن سبب الإرتضاء هو ظهور كلامه في كون الملائكة جسمانيين، وكون طوائف منهم موكلة بالكائنات الأرضية ونحوها مما ورد في الروايات الشريفة لكن هذه التزينات لا تكاد تشيد الأساس الضئيل المتزلزل. كما لا يخفى (1).
ويبقى سؤال يدور في الذهن، ما هي المحتملات من الحكمة في خلق الملائكة من قبل الله سبحانه وتعالى؟
وجوابه:
أولاً: أن يكون لعدم قابلية الكون وما فيه من مباشرة الله تعالى في تدبير أمر الكون لعدم قابلية الكون وما فيه، لذلك فلابّد من وسيط يحمل التلّقي من الله سبحانه بوجه من الوجوه ليتم إيصاله إلى التنفيذ حسب وجهته المختلفة.
قال تعالى: «.. قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً »(2).
ثانياً: أن يكون لبيان قدرته تعالى المطلقة في خلف أي شيء بحيث يملأ ذهنية الإنسان بالصبر المختلفة لقدرته تعالى في جميع أنواع الخلق المختلف الوحي يمكن أن تدخل إلى تصور الإنسان.
ثالثاً: أن يعرف الإنسان أنّ القانون الطبيعي ـ أي قانون ـ لا يعمل بصورة مستقلة من دون حاجته لله، فخلق الملائكة مدّبر للأمر ليعرف الإنسان أنّ هناك فوق القانون من يدّير أمر ذلك ليركز عامل الغيب في صدور الناس، فهم الوسائط بينه تعالى وبين الأشياء.
رابعاً: أن يكون الإنسان نفسه مهّماً أتيّ من قوة وعلم عاجزاً عن تدببر الكون بما فيه وعليه من الكليّات والجزئيات، تخلق الله الملائكة ما زوّدهم من القابلية والقدرة على تدبير الكون والحياة من خلالهم.
ثالثاً: المادة التي خلقت منها الملائكة.
خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، أو لأن المشهور الذي لاندفع أن الملائكة روحانيين.
وقيل: إنّما سمّوا بذلك لأنهم خُلقوا من الريح أو الريح(3).
وعن أبي صالح قال: خُلقت الملائكة من نور العزّة وخُلق إبليس من نار العزة(4).
وهناك من يقول: بأنّ الملائكة من النور، وخلق الجان من مارج من نار، لأنّه كالتمثيل، فإنّ المراد من النور الجوهر المضيء ـ النار كذلك، غير أنّ ضوءها تكدر مغمور بالدخان محذور عنه بسبب ما يصبح من فرط الحرارة والإحراق.
فإذا صارت مهذّبة مصّفاة كانت محض نور، ومتى نكصت عادة الحالة الاولى جذبته ولا تزال تتزايد حتى ينطفي نورها، ويبقى الدخان(5).
وهذا أشبه بالصواب وأوفق للجميع بين النصوص، والعلم عند الله سبحانه وتعالى، ولعلّ أدق الأقوال هو القول الذي يعبّر عن الملائكة بأنها وجود جوهري روحاني نوراني مجرّد عن المادة متصرفة بها بنوع من الحكومة، قال الله تعالى: « فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا »(6).
وكذلك ورد عن الإمام الرضا× أنّه قال: (خُلق الملائكة من نور، وخُلِق الجّان من مارج من نار، وخلق آدم ممّا وصف  وكلم) (7).
وقد ورد عن رسول الله‘ أنه قال: (خلق الله الملائكة من نور، وإن منهم لملائكة أصغر من الذباب) (8).
وورد  عن الإمام أمير المؤمنين × أنّه قال: (ثمّ خلق سبحانه لإسكان سمّاواته، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته، خلقاً بديعاً من ملائكته وملأ بهم فروج فجاجا وحشا بهم أجوائها(9).
خامساً: أن يعرف الإنسان منزلته الكبيرة ومقامه العظيم عند الله حينما جعل هذا الخلق العظيم لخدمة الإنسان حتى يتحرك بمستوى هذا العطاء وهذه المنزلة(10).
رابعاً: وظائف الملائكة:
هناك عدة وظائف للملائكة أوكلها الله سبحانه وتعالى إليهم ونذكر هنا أهم تلك الوظائف.
أولاً: وظائف الملائكة مع الله سبحانه وتعالى وهي عديدة وكالتالي:
منها: إنهم رسل: وهذه الوظيفة من أهم الوظائف التي يقوم بها الملائكة حيث ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله جلّ شأنه: « اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً...» (11).
وفي قوله تعالى: « الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ...» (12).
وقد جاء في كلام سيد البلغاء بعد النبي‘ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× أنّه قال: (الأمناء على وحي الله لأنبيائه والألسنة الناطقة في أفواه رسله والمختلفون بالأقضية إلى العباد، بهم يقضي الله على من يشاء بما شاء) (13).
ومن الملاحظ أنّ كثير من العلماء ومن جميع المذاهب والطوائف قد ذهبوا إلى ذكر الرسل في ضمن تعاريفهم أو وسائط، إلى غير ذلك من العبارات التي تدل على أنّ معنى الملك هو رسول، فكل منفذ أمرٍ هو مَلَك.
منها: حملة العرش: ورد هذا المعنى صريحاً في الآيات القرآنية الكريمة بقوله تعالى: « الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ...» (14).
وكذلك في قوله تعالى: « وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ » (15).
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×: (حملة العرش كأنهم القوة العامة التي أفاضها الله في العالم الكلي فهي المساكة له الحافظة لكل جزء منه مركزه وحدود مسيرة في مداره فهي المخترقة له النافذة فيه الآخذة من أعلاه إلى أسفله ومن أسفله إلى أعلاه (16).
وجاء في دعاء الإمام السجاد× في الصلاة على حملة العرش: (اللّهم وحملة عرشك الذين لا يغترون من تسبيحك، ولا يسأمون من تقدسيك، ولا يستحسرون من عبادتك، ولا يؤثرون التقصير على الجد في أمرك، ولا يغفلون عن الوله إليك (17).
قال الفاضل إبن ميثم في شرح النهج في صفة (حملة العرش): أما من قال إن الملائكة أجسام كان حمل صفاتهم المذكورة في هذه الأخبار وفي كلامه× على ظاهرها أمراً ممكناً وأنه تعالى قادر على جميع الممكنات. وأما من نزههم عن الجسميّة فقال: إنّ الله سبحانه لما خلق الملائكة السماوية مسخرين لأجرام السماوات مدبرين لعالمنا عالم الكون والفساد وأسباباً لما يحدث فيه، كانوا محيطين بإذن الله علماً كما في السموات والأرض، فلا جرم كان منهم من ثبت في تخوم الأرض السفلى أقدام أو اركانهم التي ثبت واستقرت باسم الله الأعظم وعلمه الأعز الأكرم ونفذت في بواطن الوجودات خبراً وحرقت من السماء العليا أعناق عقولهم (18).
أما كم عدد حملة العرش. الله أعلم كم هم أثمانية أم ثمانية الآف؟ وعن الضحاك: ثمانية صنوف لا يعلم عددهم إلّا الله وروي أن بعضهم على صورة الإنسان، وبعضهم على صورة الأسد وبعضهم على صورة الثور، وبعضهم على صورة النسر، وفي رواية: أرجلهم في تخوم الأرض السابعة، والعرش فوق رؤوسهم وهم مطرقون مسبحون، وروي ثمانية أملاك على صورة أو عال ما بين أظلافها إلى ركبتها مسيرة سبعين ساقاً.
وهذه الروايات تدل على تجردهم من المادة الجسمانية ويتشكلون بالتمثيل كما قال الله تعالى في كتابه الكريم:«فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً » ولا ريب أنّ المجرد يمكن أن يتمثل أي يتشكل بأشكال مختلفة، ولو لم نقل بتجردهم لم نقدر على تفسير هذه الروايات والجمع بينها ولو كانوا أجساماً كأجسامنا لم يتعلق كون أرجلهم في تخوم إلّا بالخرق أو مداخلة جسمهم في سائر الأجسام وأن يكون في تركيب كل جسم سوى العناصر جزء من عنصر الدراية في الروايات التي وردت في حال الملائكة مسلم أن صفاتهم وحالاتهم لا تجتمع مع كونهم أجساماً مادية فهم من الجواهر المجردة قطعاً وأصلاً وإن تمثلوا في صورة الأجسام. والجوهر المجرد بالتقسيم الحاصر بين النقي والإثبات، أما عقل أو نفس إذ لا يخلو إما أن يكون له تعلق بجسم بوجه ما أو لا ولا واسطة، ولذلك فهم العقول أو النفوس وإن تأبيت عن التسميّة فما شئت فسمه ولكن المعنى ما ذكر.
وأما من قال: إنّهم المثل النورية المعلقة لكل نوع فيرجع إلى تجردهم، أيضاً، ومن قال: إنهم أربعة من الأئمة المعصومين^ فلإنهم مظاهر العقول المجردة في عالمنا هذا ويجري حكم المظهر على الظاهر وبالعكس.
حيث ورد عن الإمام الكاظم× أنّه قال: إذا كان يوم القيامة كان حملة العرش ثمانية، أربعة من الأولين نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وأربعة من الآخرين محمد وعلي والحسن والحسين(19).
وقد يطلق حملة العرش على حملة العلم أيضاً أو حملة العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا.
أمّا في عدد الأربعة سراً لا نعلمه وفي تكريرها في القيامة سراً آخر، والذي لا شك فيه أنّ كل شيء في عالمنا الجسماني ظل لما في ذلك العالم.
والغالب على اشكال المصنوعات المربع المطلق أوالمستطيل فكأن بين نظم الصنع والتربيع مناسبة وإرتباطاً، وهذا التربيع ظل لتربيع أركان العرش وحملته، والملائكة المقربين أربعة والقوى العلمية في الإنسان أربع، وللقوى النظرية أربع مراتب، والأفلاط على الأطباء أربعة، الأركان كذلك وفصول السنة أربعة إلّا في خط الإستواء فثمانية وألوان أنوار العرش أربعة، فإن قيل هل يمكن أن ينسب حمل العرش على أنّه جسم إلى الملائكة؟ قلنا: لا يجب أن يكون حامل العرش الجسماني موجوداً جسمانياً مادياً بل يمكن نسبة حملة الجسم إلى المجرد(20).
وإختلف الناس في حملة العرش، ما الذي تحمل؟ فقال قائلون: الحملة تحمل البارئ وأنّه إذا غضب ثقل على كواهلهم وأذى رضى خف فيتبينون غضبه من رضاه، وأنّ العرش له أطيط إذا ثقل عليه كأطيط الرحل. وقال بعضهم: ليس يثقل الباري ولا يخف، ولا تحمله الحملة ولكن العرش هو الذي يخف ويثقل وتحمله الحملة(21).
منها: التسبيح: قال الله تعالى في كتابه الكريم: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ»(22).
قوله « يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ » هم الذين يذكرون الله بجوامع الثناء من صفات الجلال والإكرام، وجعل التسبيح أصلاً والحمد حالاً، لأنّ الحمد مقتضى حالهم دون التسبيح.
وقيل: «يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» أي ينزهون ربهم عما يصفه به هؤلاء المجادلون، وقيل: يسبحونه بالتسبيح المعهود ويحمدونه على الغاية(23).
وقيل: «يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ»  أي يقولون: سبحان الله والحمد لله متلذذين لا متعبدين (24).
أما قوله: « وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ» (25)، معناه: نتكلم بالحمد لك، والنطق بالحمد لله تسبيح، وإنّما يكون حمد الحامد سبحانه تسبيحاً لأن معنى الحمد لله: الثناء عليه والشكر له، وهذا تنزيه  له، وإعتراف بأنه أهل لأن ينزه ويعظم ويثنى عليه، عن مجاهد، وقيل: معنى (نسبح بحمدك) نصلّي لك كقوله « فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ » أي من المصلين (26)، منها: إنّهم يشهدون.
ورد في الحديث أنّه كان أبو عبد الله× يقول: «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً»(27)، إن ملائكة الليل تصعد وملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر، فأنا أحب أن تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار صلاتي(28).
وقد جاء في الخبر أنّ رسول الله‘ زاد في الصلاة سبع ركعات، في الظهر ركعتين وفي العصر ركعتين وفي المغرب ركعة وفي العشاء ركعتين وأقر الفجر على ما فرضت لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء ولتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء وكان ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله‘ صلاة الفجر فلذلك قال الله عزّ وجلّ: «وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً» يشهده المسلمون ويشهده ملائكة النهار وملائكة الليل(29).
وقيل: هم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكافر بالتكذيب(30).
وقيل: الأشهاد وهم الملائكة يشهدون على بني آدم بأعمالهم(31).
كما أنّ الملائكة تشهد موت الشهيد إكراماً له فكان مشهوداً، أو لأنه مشهود له بالجنّة.
سأ ل الزندين الإمام الصادق×: ما علّة الملائكة الموكلين بعباده يكتبون عليهم ولهم،  والله عالم السّر وما أخفى؟ قال: إستعبدهم بذلك وجعلهم شهوداً على خلقه ليكون العباد لملازمتهم إياهم أشد على طاعة الله مواظبة، وعن معصية أشد انقباضاً، وكم من عبد همّ بمعصية فذكر مكانها فارعوى وكيف فيقول: ربّي يراني، وحفظني  بذلك تشهد، وإنّ الله برأفته ولطفه أيضاً وكلّهم بعباده يذبون عنهم مردة الشياطين، وهوام الأرض، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى أن يجيء أمر الله عزّ وجلّ(32).
منها: كاتبين:
وهؤلاء الملائكة هم الذين يكتبون أعمال بني آدم، كما أنّهم يعلمون ما يفعلون من خير أو شر فيكتبونه عليهم، وأنهم لا يخفى عليهم شيء كما في قوله تعالى: « كِرَاماً كَاتِبِينَ » (33).
قال الإمام الصادق×: خطب أمير المؤمنين× بالبصرة فقال: بعد من حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي وآله، الدنيا وإن طالت قصيرة والماضي للمقيم عبرة والميت للحي عظة، وليس لأمسى إن مضى عودة ولا المرئ من عذ على ثقة الأول للأوسط رائد والأوسط لآخره قائد وكل لكل مفارق، وكل لكل لاحق، والموت لكل غالب، واليوم الهائل لكل أزف وهو الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم. ثم قال×: معاشر شيعتي إصبروا على عمل لا غنى بكم عن ثوابه واصبروا عن عمل لا صبر بكم على عقابه، إنّا وجدنا الصبر على طاعة  الله أهون من الصبر على عذاب الله عزّ وجل، واعلموا أنكم في أجل محدود وأمل مدود ونفس معدود ولابد لأجل أن يتناهى والأمل أن يطوى والنفس أن تحصى، ثم دمعت عيناه وقراً: « َإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ »(34).
ويدل على تعددهم لكل إنسان في قوله تعالى: « إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ »(35).
والأخبار المستفيضة فيما نحن فيه تدل على أنّ ملائكة الليل غير ملائكة النهار، كما في قوله تعالى: « إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً »(36)أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار. وقد جاء في إحدى خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× أنّه قال: (وحفّاظ صدق (يعني الملائكة الكاتبين) لا يعتصم منهم بستره ولا ظلام ليل ) (37).
ومن أروع ما قيل وهو محل إفتحار قول النبي الأكرم‘ في حق أمير المؤمنين× أنّه قال: قال جبرائيل: إن حفظة علي (يعني أمير المؤمنين×) تفتخر على الملائكة لم تكتب عليه خطيئة منذ صحباه، قال العبدي: وإنّ جبرائيل الأمين قال لي عن الملائكة الكاتبين: إنهما لم تكتبا على طهر زلة ولا ختا (38).
منها مأمورين بوضع الروح في الأرحام:
توجد هناك روايات كثيرة عن أهل بيت العصمة (صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين) تدل صراحة على أنّ هناك خلق من الملائكة خلقهم الله سبحانه وتعالى بقدرته على أن يكونوا خلّاقين ومن هذه الروايات الشريفة ما ورد عن الإمام أبي جعفر× الإمام الجواد× في حديث طويل عندما دخل عليه عبد الله بن قيس الماصة منه قوله×: إني سأخبرك بما قال لك إبن قيس الماصه قبل أن تسألني عنه وأصير الأمر في تعريفه إياه إليك إن شئت أخبرته وإن شئت لم تخبره، إنّ الله تعالى خلف خلاقين فإذا أراد أن يخلق خلقاً أمرهم فأخذوا من التربة التي قال في كتابه: « مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى »، فعجن النطفة بتلك التربة التي يخلق منها بعد أن أسكنها الرحم أربعين ليلة فإذا تمت لها أربعة أشهر قالوا: يا رب نخلق ماذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكراً وأنثى ـ أبيض أو أسود، فإذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائنا ما كان صغيراً أو كبيراً ذكراً أو أنثى... الخ (39).
منها: إرسالهم لنصرة العبد:
من المواقع التي أرسل إليها الملائكة لنصرة العبد هي معركة بدر الكبرى، نعم هناك غيرها من المعارك والحروب أرسلوا لنصرته ولكن معركة بدر هي أم المعارك الإسلامية، حيث قال الله تبارك وتعالى: « بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ » (40).
وقيل: إنّ الملائكة لم تقاتل في بدر ولا في غيره، وإنّما كانوا يكثرون السواد، ويثبتون المسلمين بإشعارهم بأنّ النصر لهم، ويلقون الرعب في قلوب المشركين، وإلّا فلو قاتل واحد من الملائكة جميع البشر لم يثبتوا. ولأستأصلحهم بأجمعهم لبعض قوته، فإنّ جبرائي رفع مدائن لوط ـ كما جاء في الخبر على خافقة من جناحه حتى بلغ بها السماء، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها، فما عسى أن يبلغ قوته ألف رجل من قريش، ليحتاج في مقاومتها وحربها إلى ألف من ملائكة السماء أو أكثر؟ مضافين إلى ثلاثمائة  وثلاثة عشر رجلاً من بني آدم (41).
وعلى أي من الأقوال سواء المشاركة أو التثبيت فكلاهما يدلان على أنّ الملائكة إنّما أرسلوا لأجل نصرة عباد الله المخلصين.
وهناك وظائف أخر ى ـ نكتفي بما ذكرناه.
ثانياً: وظائف الملائكة مع الخلق.
نذكر عدّة من الوظائف التي كلف بها الملائكة إتجاه الخلق:
منها: الحفظ: « لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ».
رويّ عن أئمتنا^: أنهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتى ينتهوا به إلى المقادير فيحولون بينه وبين المقادير، فقد رويّ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×: وقيل هم عشرة أملاك على كل آدمي يحفظونه من بين يديه ومن خلفه (يحفظونه من أمر الله) أي يطوفون به كما يطوف الملك الموكل بالحفظ، وقيل يحفظون ما تقدم من عمله وما تأخر إلى أن يموت فيكتبونه، وقيل: يحفظونه من وجوه المهالك، والمعاطب، ومن الجن والإنس والهوام. وقال إبن عباس: يحفظونه مما لم يقيد نزوله فإذا جاء المقدر بطل الحفظ.
وقيل: من أمر الله أي يأمر الله، وقيل: يحفظونه عن خلق الله، فتكون بمعنى عن، قال كعب: لولا أن الله وكلّ بكم ملائكته يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم ليحفظنكم الجن ثمّ أنّ الحفظة على قسمين: حفظة على العباد وهو الكرام الكاتبون وحفظة للعباد وهم الذين يحفظونهم بأمر الله تعالى من الآفات التي تعرض لهم.
قال بعض القدماء: إنّ هذه النفوس البشرية والأرواح الإنسانية مختلفة بجواهرها فبعضها خيرة وبعضها شريرة، وكذا القول في البلاد والذكاء والفجور والعفة والدناءة والشر ف وغيرها من الهيئات، ولكل طائفة من هذه  الأرواح السفلية روح سماوي هو لها كالأب الشفيق والسيد الرحيم يعينها على مهماتها في يقظتها ومنامها، تارة على سبيل الرؤيا وأخرى على سبيل الإلهامات وهو مبدأ لما يحدث فيها من خير وشر، وتعرف تلك المبادئ في مصطلح بالطباع التام، يعني: إنّ تلك  الأرواح الفلكية في تلك الطبائع والأخلاق تامة بالنسبة إلى هذه الأرواح السفلية وهي الحافظة لها وعليها، وهذا هو المراد بالحفظة.
وقال بعضهم: إنّ الله سبحانه خلق الطبائع المتضادة وفرج من العناصر المتنافرة حتى استعد ذلك الممتزج بسبب ذلك الإمتزاج لقبول النفس المدّبرة والقوى الحسيّة والمحركة، فالمراد بالحفظة المرسلة في قوله تعالى: « وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً » هي تلك النفس، والقوى الذي تحفظ تلك الطبائع المقهورة على إمتزاجها وهي الضابطة على أنفسها أعمالها؟ والمكتوب في ألواحها صورة ما تفعله لتشهد به على أنفسها يوم القيامة كما قال تعالى: « قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ » وهي المعتبات من بين يدي الإنسان ومن خلقه الحافظون من أمر الله.
وقال آخرون: إنّ للنفوس المتعلقة بهذه الأجساد مشاكلة ومشابهة بالنفوس  المفارقة عن الأجساد فيكون لتلك المفارقة ميل إلى النفوس التي لم تفارق فيكون لها تعلق أيضاً بوجه ما بهذه الأبدان بسبب ما بينها وبين نفوسها من المشابهة والموفقة فتصير معاونة لهذه النفوس على مقتضى طباعها وشاهدة عليها كما قال تعالى: « مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ » (42).
هذه جملة من أقوال المعقول في حقيقة الحفظة، والذي يقتضيه ظاهر القرآن ودلت عليه الأخبار: أنهم أرواح سماوية كلفهم الله تعالى بحفظ عباده فمنهم حافظون لهم ومنهم حافظون عليهم.
عنها: الإشهاد:
ورد في الخبر أنّه إنّ اليتيم إذا بكى إهتز لبكائه عرش الرحمن، فيقول الله لملائكته يا ملائكتي! من أبكى هذا اليتيم الذي غُيب أبوه في التراب؟ فتقول الملائكة: أنت أعلم. فيقول الله تعالى: يا ملائكتي! فإنّي أشهدكم أن لمن أسكنه وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة (43).
منها: إسقاط الذنوب:
عن الصادق×: إنّ الله عزّ ذكره له ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق من الشجر في أوان سقوطه، وذلك قوله عزّ وجلّ: « يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا »(44).
والله ما أراد بحقه اغيركم(45).
منها: توزيع الأزراق:
قال تعالى: « فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً »(46).أجمع المفسرون على أنّ الملائكة هي المقسمة.
وقال الإمام الصادق×: الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فمن نام فيما بينهما نام عن رزقه(47).
منها: يخاصمون الإنسان إن كان هناك ما يضره:
إنّ جبرائيل أتى رسول الله‘ فقال: إنّا معشر الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا تمثال جسد، ولا إناء يبال فيه(48).
منها: منع إبليس:
إن إبليس العدو الأول لنا نحن أولاد آدم حيث تغيرنا السبب الذي أسخط الله عليه فوكل الله ملائكته لدفع مكائد إبليس عنا.
منها: التوكيل:
إنّ الله عزّ وجل ملائكة وكلهم نبات الأرض من الشجر والنخل، فليس من شجرة ولا نخلة إلّا ومعها من الله عزّ وجل ملك يحفظها، وما كان فيها، ولولا أن من يمنعها لأكلها السباع وهوام الأرض إذا كان فيها ثمرها.
وإنّما نهى رسول الله‘ أن يضرب أحد المسلمين خلاءه تحت شجرة أو نخلة  قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها. ولذلك يكون الشجر والنخل إنساً إذا كان فيه حمله، لأن الملائكة تحضره(49).
منها: الملائكة الموكل للمؤمنين يوم القيامة:
سأل أمير المؤمنين علي× الرسول‘ لماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله؟ فقال: يا علي تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محبوكة بالفضة لكل غرفة منها ألف باب من ذهب على كل باب منها ملك موكل به وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة وحشوها المسك والعنبر والكافور وذلك قول الله: « وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ » فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنّة وضع على رأسه تاج الملك والكرامة وألبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر منظماً في الأكليل تحت التاج وألبس سبعين حلّة بألوان مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ أو الياقوت الأحمر، وذلك قوله: «يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ»، فإذا جلس المؤمن على سريره إهتز سريره فرحاً فإذا إستقرت لولي الله منازلة في الجنّة إستأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنيه بكرامة الله إياه. فيقول له خدام المؤمن ووصفاؤه: مكانك فإن ولي الله قد إتكأ على أرائكه وزوجته الحوراء العتياء قد هيئت له فاصبر لولي الله حتى يفرغ من شغله قال: تتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفاؤها  تحنيها عليها سبعون حلّة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد، صبغن بمسك وعنبر وعلى رأسها تاج الكرامة وفي رجليها نعلان من ذهب مكلان بالياقوت واللؤلؤ وشراكهما ياقوت أحمر فإذا أدنيت من ولي الله وهم أن يقوم إليها شوقاً.
تقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم أنا لك وأنت لي.
فيعتنقان قدر خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا عليها ولا علة.
قال: ينظر في عنقها فإذا عليها قلادة من قصب ياقوت أحمر وسطها لوح مكتوب أنت يا ولي الله حبيبي وأنا الحوراء حبيبتك إليك تناهت نفسي وإلي تناهت نفسك ثم يبعث الله ألف ملك يهنونه بالجنّة ويزوجونه الحوراء.
قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه ـ فيقولون للمك الموكل بأبواب الجنان: أستأذن لنا على ولي الله فإنّ الله بعثنا مهنئين فيقول الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه مكانكم.
قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إنّ على باب الغرفة ألف ملك أرسلهم رب العالمين جاءوا يهنئون ولي الله وهو مع زوجته، قال: وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان فيدخل الحاجب على القيّم فيقول له: إن على باب الغرفة ألف ملك أرسلهم رب العالمين يهنئون ولي الله فأستأذن لهم.
فيقوم القيّم إلى الخدام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة وهم ألف ملك أرسلهم يهنئون ولي الله فأعلموه مكانهم.
قال: فيعلمونه مكانهم. قال: فيأذن لهم فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الذي قد وكل به فيدخل كل ملك من باب من أبواب الغرفة الفرقة فيبلغونه رسالة الجبار، وذلك قول الله: « وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ » يعني من أبواب الغرفة « سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ »، وذلك قوله: « وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً  كَبِيراً » يعني بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم والملك العظيم وإنّ الملائكة من رسل الجبار يستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلّا بإذنه فذلك الملك العظيم والأنهار تجري من تحتها(50).
منها: تشييع المؤمن والكافر:
جاء في الجنة عن أبي بصير عن أبي عبد الله× قال: إنّ المؤمن إذا أُخرج من شيعه الملائكة إلى مقبره يزدحمون عليه، حتى إذا إنتهى به إلى قبره قالت الأرض: مرحباً بك وأهلاً، أما والله لقد كنت أحب أن يمشي عليّ مثلك، لترينَ ما أصنع بك، يتوسع له مد بصره. ويدخل عليه في قبره ملكماً القبر وهما قعيد؟ القبر، منك وتكبر فيلقيان فيه الروح إلى حقوبة فيعقدانه ويسألانه.
فيقولان: من ربك؟
فيقول: الله
فيقولان: ما دينك؟
فيقول: الإسلام
فيقولان: من نبيك؟
فيقول: محمد‘.
فيقولان من إمامك؟
فيقول: علي
فينادي مناد  من السماء: صدق عبدي  إفرشوا له في قبره من الجنّة، وأفتحوا له في قبره باباً إلى الجنّة، وألبسوه من ثياب الجنّة حتى يأتينا، وما عندنا خير له.
ثم يقال له: نعم نومة العروس فم نومة لا حلم فيها.
وإن كان كافراً خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره يلعنونه حتى إذا إنتهيّ به إلى قبره. قالت له الأرض: لا مرحباً بك ولا أهلاً، أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي عليّ مثلك، لا جرم لترني ما أصنع بك اليوم. فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه، ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير، فيقعدانه ويلقيان فيه الروح إلى حقويه؟ فيقولان له: من ربك؟ فيتلجلج  ويقول: قد سمعت الناس يقولون.
فيقولان له: لا دريت
ثم يقولان له: ما ديتك؟
فيتلجلج: فيقولان له: لا دريت.
ويقولان له: من نبيك؟
فيقول: قد سمعت الناس يقولون 
فيقولان له: لا دريت.
ويسأل من إمام زمانه قال: فينادي مناد من السماء: كذب عبدي، إفرشوا له في قبره من النار، وألبسوه من ثياب النار، وإفتحوا له باباً إلى النار حتى يأتينا، وما عندنا شر له، فيضربانه بمرز به ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلّا يتطاير قبره ناراً، لو ضرب قبلك المزربة جبال تهامة لكانت رميماً.
وقال أبو عبد الله×: ويسلط الله عليه في قبره الحيّات تنهشه نهشاً، والشيطان يغمه غمّاً ـ قال: ويسمع عذابه من خلق الله إلّا الجن والإنس.
قال: وإنّه ليسمع خفق نعالم ونفض أيديهم، وهو قول الله عزّ وجلّ: « يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ » ا(51).
ومنها: حضور الملائكة على الطعام، ومنها: الإستغفار والترحم، واللعن ويوم القيامة، والشفاعة وستر القبيح.
ثالثاً: الملائكة وسائط في التدبير:
الملائكة وسائط بين الله تعالى وبين الأشياء بدءاً وعوداً على ما يعطيه القرآن الكريم بمعنى أنهم أسباب للحوادث فوق الأسباب المادية في العالم المشهود قبل حلول الموت والإنتقال إلى منشأة الآخرة وبعده.
أما في العود أعني حال ظهور آيات الموت وقبض الروح وإجراء السؤال وثواب البر وعذابه وإمامة الكل بنفخ الصور وإحيائهم بذلك والحشر وإعطاء الكتاب ووضع الموازين والحساب والسوق إلى الجنّة والنار فوساطتهم فيها غني عن البيان، والآيات الدالة على ذلك كثيرة لا حاجة إلى إيرادها، والأخبار المأثورة فيها عن النبي الأكرم‘ وأئمة أهل البيت^ فوق حد الإحصاء  وكذا وساطتهم في مرحلة التشريع من النزول بالوحي ودفع الشياطين عن المداخلة فيه وتسديد النبي وتأييد المؤمنين وتطهيرهم بالإستغفار(52).
وفي الختام: إنّ أفكار الناس والعوّام تخلّ من نظرتها للملائكة حيث يعتقدون بوجودها وهم يؤمنون بها كموحدين ومؤمنين بوجود الله سبحانه وتعالى وما اخبرت به الكتب السماوية وتبقى نظرة العوام لها ذوق في الإعتقاد بها: فمنها: أنّ الرضيع (الطفل) إذا ضحك أو إبتسم ان الملائكة تضحكه ومنها: أن الملائكة ترعى الطفل وتحفظه وتزيح عنه كل مكروه فلو سقط فإنّ الملائكة تلتقطه وتحمله وتحفظه ولا تجعله يتأذى وهذا ما لمسناه  عن صدق وإعتقاد.
والكلام عن الملائكة طويل وذات شعب ولكن نكتفي بما تقوم لكيلا نكيل على القرآء الكرام وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين.
(الهوامش)
1.  راجع بحار الأنوار: ج56 ص241 ـ 245 العلامة المجلسي.
2.  سورة الأعراف: الآية 143.
3.  التفسير الكبير ج2 ص214: الفخر الرازي.
4.  تفسير القرطبي ج1 ص297. القرطبي.
5.  تفسير البيضاوي ج2 ص284. البيضاوي.
6.  سورة مريم: الآية 17.
7.  كنز العمال ج1 ص136 ح15156.
8.  التجديد في تقسيم القرآن المجيد، ج1 ص351 الشيخ علي عبد الرزاق مجيد مرزه.
9.  نهج البلاغة: 128.
10.  التجديد في  تفسير القرآن المجيد: ج1 ص435 الشيخ علي عبد الرزاق مجيد مرزه.
11.  سورة الحج: الآية: 75.
12.  سورة فاطر: الآية: 1.
13.  نهج البلاغة: ص19.
14.  سورة غافر: الآية: 7.
15.  سورة الزمر: الآية: 75.
16.  نهج البلاغة: ج1 ص19.
17.  الصحيفة السجادية: ص40.
18.  شرح اصول الكافي ج4 ص101 مولى محمد صالح المازندراني.
19.  أصول الكافي: ج1 ص132 الكليني.
20.  شرح أصول الكافي: ج4 ص113، موسى محمد صالح المازندراني.
21.  الإيضاح: ص18 الفضل بن شاذان الأزدي، هامش (1).
22.  سورة غافر الآية: 7.
23.  بحار الأنوار ج55 ص4 العلامة المجلسي.
24.  الكشاف: ج3 ص411 الزمخشري.
25.  سورة البقرة: الآية 30.
26.  تفسير مجمع البيان ج1 ص149 الشيخ الطبرسي.
27.  سورة الإسراء: الآية 78.
28.  وسائل الشيعة: ج4 ص213 ج3 (4948)، الحر العاملي.
29.  الكافي: ج8 ص341 الكليني.
30.  بحار الأنوار: ج7 ص162، المجلسي.
31.  الدر المنثور ج3، ص325 جلال الدين السيوطي.
32.  بحار الآنوار: ج5 ص323، المجلسي.
33.  سورة الإنفطار: الآية 11.
34.  روضة الواعظين: ص488 الفتال النيسابوري.
35.  سورة ق الآية 17 ـ 18.
36.  سورة الإسراء: الآية: 78.
37.  شرح نهج البلاغة: ج9 ص216 إبن ابي الحديد.
38.  الصراط المستقيم: ج1 ص188 علي بن يونسي العاملي.
39.  الكافي: ج3 ص162 الكليني.
40.  سورة آل عمران: الآية 125.
41.  رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين ×، ص235، السيد علي خان المدني الشيرازي.
42.  رياض السالكين ج2. ص62 السيد علي خان المدني الشيرازي.
43.  تفسير مجمع البيان: ج10 ص385 الطبرسي.
44.  سورة غافر: الآية 7.
45.  بحار الأنوار: ج56 ص196 المجلسي.
46.  سورة الذاريات الآية 4.
47.  تهذيب الأحكام ج2 ص139 الطوسي.
48.  بحار الأنوار: ج56 ص190 المجلسي.
49.  المصدر أعلاه ج77 ص171.
50.  قصص الملائكة: ص172 ـ 74 الشيخ أسعد كاشف الغطاء.
51.  بحار الأنوار: 6 ص264 ـ 263 المجلسي.
52.  تفسير الميزان: ج20 ص182، نقلاً عن قصص الأنبياء ص179.