تنبيهات هامّة في الإمام المهدي#

أولاً: ورد في أحادیث الإمام المهدي# عند السنة  والشیعة أنّه سیملأ الأرض قسطاً و عدلاً بعد ما ملئت ظلماً و جوراً فهنا تثار بعض الشبهات، منها:لا يتبادر إلى الذهن أنه كل واحد منّا لو یعمل في کلّ یوم، مثلاً عشرة من الذنوب، فإذا فعل من في الأرض وهم سبعة مليارد من البشر ذلك فإنّه تمتلأ الأرض ظلماً وسیظهر صاحب الزمان عندئذٍ! أقول: هذا من الجهل والوهم بل ما ورد في الأحاديث (ظلماً) وما ذكر من المثال إنما يوجب أن يكون إملاها بالظالمين وفرق بين الإملاء بالظلم ولو كان ذلك من أئمة الكفر، وبين الإملاء بالظالمين، فلم تجد في أي حديث ولو حديثاً ضعيفاً أنه يظهر× بعد أن تملأ الأرض بالظالمين، حتى يقال نزيد في المعاصي حتى يزيد الظلم، بل على كل واحد منّا أن يصلح نفسه، ويمّهدها ليكون من الممّهدين لظهوره×، وإنّما تملأ ظلماً من قبل الظالمين مثل صدام الظالم ومن كان على شاكلته من أسياده ورفاقه وحزبه.

وثانياً: إتفق العلماء وأجمع المسلمون قاطبة أنّ أمر إمامته وظهوره إنّما هو بيد الله وبإذنه عز وجل، وإلّا كان بالشورى والإنتخابات والتصويت لكان المفروض على المسلمين في العالم أن يجمعوا كلمتهم على شخص ليكون المهدي في آخر الزمان ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتكون حكومة الأرض عندئذ بيد المسلمين الصالحين، وهذا من المستحيل أن يتحقق، فإذا كان الأمر كذلك في الإمام الثاني عشر كما ورد في كتب المسلمين أنّ الخلفاء والأئمة من بعد رسول الل| إثني عشر، خاتمهم المهدي من آل محمد^، فيجب أن يكون كذلك في أوّلهم، فيكون أمر الإمامة والخلافة بيد الله وبإذنه لا بيد الناس وبالشورى والسقيفة ﴿ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾، فإعتبروا يا أولي الأبصار، فليس أمر الخلافة والإمامة بإنتخاب وإختيار الناس، بل بأمر الله عز وجل، وإن آخره كأوّله وأوّله كآخره.

وثالثاً: كلّ القياديين والمصلحين في العالم في ترجمة حياتهم الذاتية يفتخرون بأساتذتهم، بأنهم درسوا عند فلان أو في المدرسة الفلانية أو تعلّموا من فلان، إلّا الأئمة الإثني عشر من عترة الرسول الأعظم^، فلم يذكر التاريخ لواحد منهم أنه درسَ أو تعلّم من فلان وفلان، بل كان علمهم من العلم اللّدني الإلهامي من الله سبحانه، وحياً لرسول الله محمد’ وإیماءً من الله عز وجل (نكت في القلوب وقرع في الأسماع) كما هو ثابت في محلّه، فعلم إمام زماننا من علم الله عز وجل، وأنّه يطلعه الله على الغيب والشهود.

ورابعاً: إنّ الله قادر على كل شيء وتظهر قدرته في وليّه الأعظم، فيصلح العالم في آخر الزمان ليحقّق أطروحة الله وأطروحة السماء وأُمنية الأنبياء وأهل الأرض في بسط العدل الإلهي، بعدله وبحكومته ودولته الإمامية العادلة، وقد لمسنا مثل هذا التعبير في صورته المصغّرة وكسراج في ثورة الإمام الخميني+ في إيران، وكيف فرّ الطاغوت البهلوي، وخرجت أمريكا ذليلة، ونفخ  في نفوس الشباب بالشجاعة والتضحية وكان عاملاً مهّماً في صحوة المسلمين، وما السيد الخميني& إلّا كسراج أمام شمس الإمامة الطالعة، وولاية الله الكبرى المتجليّة في مولانا وإمام زماننا ووليّنا الأعظم الحجة إبن الحسن العسكري#، فليس من المحال إصلاح العالم بمن يمدّه الله بالإمدادات الغيبيّة، والقدرات الإلهيّة والفتوحات الربانية، فيبيد أعداء الله وأئمة الكفر، ويطهّر الأرض من الشرك والنفاق (اللّهم إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله  وتذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدّعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك، (من دعاء الإفتتاح من مفاتيح الجنان).

وخامساً: إذا قيل كيف ينتفع الناس في غيبته؟ فجوابه واضح كما ورد في الروايات.أنه ينتفع منه في غيبته الكبرى كما ينتفع الناس بالشمس في غيابها وراء السّحاب، كما هناك وجوه شبه كثيرة بين الإنتفاعين كما هو مذكور في محلّه.

وسادساً: إذا قيل: وكيف يعيش الإنسان بهذا العمر الطويل وعند ظهوره يظهر وهو شاب المنظر كما ورد في الأخبار، فجوابه كمثال ومن باب تشبيه المعقول بالمحسوس، أن حاجب الإنسان يعيش مع الإنسان في عمر مأة سنة أو أكثر من دون أن يزداد في طوله كزيادة شعر الرأس أو شعر الذقن، كما أنّه ذكر تفصيل جواب طول العمر في كتاب (صاحب الزمان وطول العمر بنظرة جديدة) بقلم سماحة السید عادل العلوي وهو مطبوع وعلى موقع (علوي.نت) فراجع.

وسابعاً: لماذا لم يظهر ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً؟ والجواب: أوّلاً: لأنّ ذلك بإذن الله سبحانه، ووثانیاً: إنّه قد قتل الظالمون وخلفاء وحكام الجور الأئمة الأحد عشر^ من قبله، فلا يظهر إلّا وليس في عنقه بيعة الظالمين، کما ورد في الأخبار الواردة 

وثامناً: هل صاحب الزمان عند ظهوره يقتل النّاس؟ والجواب: أنّه لاشكّ أن الإمام× هو إمام الشفقة والعطوفة. وإنما یقتل من یستحق القتل بإذن الله سبحانه وتعالی.

الصفحة التالية فهرس الكتب